وفيها قدم السلطان الملك الظاهر بعساكره ونازل مدينة صفد ، واستدعى بالمجانيق من دمشق وأحاط بها ولم يزل حتى افتتحها ، ونزل أهلها على حكمه ، فتسلم البلد في يوم الجمعة ثامن عشر شوال من هذه السنة ، وقتل المقاتلة وسبى الذرية ، وقد كان الملك صلاح الدين افتتحها في شوال أيضا في سنة أربع وثمانين وخمسمائة ، ثم استعادوها أيضا فانتزعها منهم قسرا وقهرا الملك الظاهر رحمه الله في هذه السنة ، ولله الحمد ، وكان السلطان في نفسه منهم شيء كثير ، فلما توجه إلى فتحها طلبوا الأمان ، فأجلس على سرير مملكته الأمير سيف الدين كرمون التتري ، وجاءت رسلهم ، فحلفوه وانصرفوا ، ولا يشعرون أن الذي أعطاهم العهود بالأمان إنما هو الأمير الذي أجلسه على السرير ، والحرب خدعة ، فلما خرجت الإسبتارية والداوية من القلعة وقد فعلوا بالمسلمين الأفاعيل ، فأمكن الله منهم ، فأمر السلطان بضرب أعناقهم عن آخرهم ، وجاءت البشائر إلى القلاع بذلك ، فدقت البشائر وزينت البلاد وفرح العباد ولله الحمد ، ثم بثت السرايا يمينا وشمالا في بلاد الفرنج ، فاستولى المسلمون على حصون كثيرة تقارب عشرين حصنا ، وأسروا قريبا من ألف أسير ما بين امرأة وصبي ، وغنموا شيئا كثيرا ، ودقت البشائر في البلدان ، وفرح المسلمون بنصر الله وتأييده .

التالي السابق


الخدمات العلمية