صفحة جزء
أولم يروا الهمزة للإنكار والواو على أحد القولين عطف على مقدر دخله الاستفهام يستدعيه المقام، والرؤية قلبية أي ألم يتفكروا ولم يعلموا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن أي لم يتعب بذلك أصلا من عيي كفعل بكسر العين، ويجوز فيه الإدغام بمعنى تعب كأعيا، وقال الكسائي : أعييت من التعب وعييت من انقطاع الحيلة والعجز والتحير في الأمر وأنشدوا:


عيوا بأمرهم كما عيت ببيضتها الحمامة



أي لم يعجز عن خلقهن ولم يتحير فيه، واختار بعضهم عدم الفرق، وقرأ الحسن (ولم يعي) بكسر العين وسكون الياء، ووجهه أنه في الماضي فتح عين الكلمة كما قالوا في بقي بقى بفتح القاف وألف بعدها وهي لغة طيئ، ولما بني الماضي على فعل مفتوح العين بني مضارعه على يفعل مكسورها فجاء يعي فلما دخل الجازم حذف الياء فبقي يعي بنقل حركة الياء إلى العين فسكنت الياء، وقوله تعالى: بقادر في حيز الرفع لأنه خبر أن [ ص: 34 ] والباء زائدة فيه، وحسن زيادتها كون ما قبلها في حيز النفي، وقد أجاز الزجاج ما ظننت أن أحدا بقائم قياسا على هذا، قال أبو حيان : والصحيح قصر ذلك على السماع فكأنه قيل هنا: أوليس الله بقادر على أن يحيي الموتى ولذلك أجيب عنه بقوله تعالى: بلى إنه على كل شيء قدير تقريرا للقدرة على وجه عام يكون كالبرهان على المقصود، ولذا قيل: إن هذا مشير إلى كبرى لصغرى سهلة الحصول فكأنه قيل: إحياء الموتى شيء وكل شيء مقدور له فينتج أن إحياء الموتى مقدور له، ويلزمه أنه تعالى ( قادر على أن يحيي الموتى. )

وقرأ الجحدري وزيد بن علي وعمرو بن عبيد وعيسى والأعرج بخلاف عنه ويعقوب (يقدر) بدل ( بقادر ) بصيغة المضارع الدال على الاستمرار وهذه القراءة على ما قيل موافقة أيضا للرسم العثماني.

التالي السابق


الخدمات العلمية