صفحة جزء
ثم أماته فأقبره أي: جعله ذا قبر توارى فيه جيفته تكرمة له ولم يجعله مطروحا على الأرض يستقذره من يراه وتقتسمه السباع والطير إذا ظفرت به كسائر الحيوان، والمراد من جعله ذا قبر أمره عز وجل بدفنه يقال: قبر الميت إذا دفنه بيده، ومنه قول الأعشى:


لو أسندت ميتا إلى نحرها عاش ولم ينقل إلى قابر



وأقبره إذا أمر بدفنه أو مكن منه، ففي الآية إشارة إلى مشروعية دفن الإنسان وهي مما لا خلاف فيه، وأما دفن غيره من الحيوانات فقيل هو مباح لا مكروه، وقد يطلب لأمر مشروع يقتضيه كدفع أذى جيفته مثلا، وعد الإماتة [ ص: 45 ] من النعم لأنها وصلة في الجملة إلى الحياة الأبدية والنعيم المقيم، وخصت هذه النعم بالذكر لما فيها من ذكر أحوال الإنسان من ابتدائه إلى انتهائه وما تتضمن من النعم التي هي محض فضل من الله فإذا تأمل ذلك العاقل علم قبح الكفر وكفران نعم الرب سبحانه وتعالى فشكره جل وعلا بالإيمان والطاعة.

التالي السابق


الخدمات العلمية