صفحة جزء
ذو العرش أي: صاحبه، والمراد مالكه أو خالقه، وهو أعظم المخلوقات.

وعن علي كرم الله تعالى وجهه: لو جمعت مياه الدنيا ومسح بها سطح العرش الذي يلينا لما استوعب منه إلا قليل.

وجاء في الأخبار من عظمه ما يبهر العقول. وقال القفال: ذو العرش ذو الملك والسلطان كأنه جعل العرش بمعنى الملك بطريق الكناية والتجوز، وجوز أن يبقى العرش على حقيقته ويراد بذي العرش الملك؛ لأن ذا العرش لا يكون إلا ملكا. وقرأ ابن عامر في رواية: «ذي العرش» بالياء على أنه صفة ل ( ربك ) وحينئذ يكون قوله تعالى: إنه هو إلخ جملة معترضة لا يضر الفصل بها بين الصفة والموصوف، وكذا لا يضر الفصل بينهما بخبر المبتدأ؛ لأنه ليس بأجنبي؛ فإن الموصوف هنا من تتمة المبتدأ. وقد قال ابن مالك في التسهيل: يجوز الفصل بين التابع والمتبوع بما لا يتمحض مباينته. نعم قال ابن الحاجب: الفصل بين الصفة والموصوف بخبر المبتدأ شاذ كما في قوله:


وكل أخ مفارقه أخوه لعمر أبيك إلا الفرقدان



المجيد العظيم في ذاته عز وجل وصفاته سبحانه فإنه تعالى شأنه واجب الوجوب تام القدرة كامل الحكمة. وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد وابن وثاب والأعمش والمفضل عن عاصم والأخوان: «المجيد» بالجر صفة للعرش، ومجده علوه وعظمته وحسن صورته وتركيبه، فإنه قيل: العرش أحسن الأجسام صورة وتركيبا وليس من مجده كون الحوادث الكونية بتوسط أوضاعه كما يزعمه المنجمون فإن ذلك باطل شرعا وعقلا على ما تقتضيه أصولهم. وجاز على قراءة: «ذي العرش» بالياء أن يكون صفة ل «ذي» وجوز كونه صفة ل ( ربك ) وليس بذلك لأن الأصل عدم الفصل بين التابع والمتبوع فلا يقال به ما لم يتعين.

التالي السابق


الخدمات العلمية