صفحة جزء
وقوله تعالى: يوم يكون الناس كالفراش المبثوث قيل أيضا: منصوب بإضمار اذكر، كأنه قيل بعد تفخيم أمر القارعة وتشويقه عليه الصلاة والسلام إلى معرفتها اذكر يوم يكون الناس إلخ. فإنه يدريك ما هي. وقال الزمخشري: ظرف لمضمر دلت عليه القارعة؛ أي تقرع يوم. وقال الحوفي: ظرف تأتى مقدرا وبعضهم قدر هذا الفعل مقدما على القارعة وجعلها فاعلا له أيضا. وقال ابن عطية: ظرف للقارعة نفسها من غير تقدير ولم يبين أي القوارع أراد. وتعقبه أبو حيان بأنه إن أراد اللفظ الأول ورد عليه الفصل بين العامل وهو في صلة أل والمعمول بالخبر وهو لا يجوز، وإن أراد الثاني أو الثالث فلا يلتئم معنى الظرف معه. وأيد بقراءة زيد بن علي «يوم» بالرفع على ذلك، وقدر بعضهم المبتدأ «وقتها»؛ والفراش قال في الصحاح: جمع فراشة التي تطير وتهافت في النار وهو المروي عن قتادة. وقيل: هو طير رقيق يقصد النار ولا يزال يتقحم على المصباح ونحوه حتى يحترق.

وقال الفراء: هو غوغاء الجراد الذي ينتشر في الأرض ويركب بعضه بعضا من الهول، وقال صاحب التأويلات: اختلفوا في تأويله على وجوه؛ لكن كلها ترجع [ ص: 221 ] إلى معنى واحد؛ وهو الإشارة إلى الحيرة والاضطراب من هول ذلك اليوم واختار غير واحد ما روي عن قتادة وقالوا: شبهوا في الكثرة والانتشار والضعف والذلة والمجيء والذهاب على غير نظام والتطاير إلى الداعي من كل جهة حين يدعوهم إلى المحشر بالفراش المتفرق المتطاير قال جرير:


إن الفرزدق ما علمت وقومه مثل الفراش غشين نار المصطلي



التالي السابق


الخدمات العلمية