صفحة جزء
ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين

قوله عز وجل: ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم فيه خمسة أقاويل: أحدها: أن السبع المثاني هي الفاتحة ، سميت بذلك لأنها تثنى كلما قرئ القرآن وصلي ، قاله الربيع بن أنس وأبو العالية والحسن. وقيل: لأنها يثني فيها الرحمن الرحيم ، ومنه قول الشاعر :


نشدتكم بمنزل القرآن أم الكتاب السبع من مثاني     ثنين من آي من القرآن
والسبع سبع الطول الدواني



الثاني: أنها السبع الطول: البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف ويونس ، قاله ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد.

[ ص: 171 ] قال ابن عباس: سميت المثاني لما تردد فيها من الأخبار والأمثال والعبر ، وقيل: لأنها قد تجاوزت المائة الأولى إلى المائة الثانية. قال جرير :


جزى الله الفرزدق حين يمسي     مضيعا للمفصل والمثاني



الثالث: أن المثاني القرآن كله ، قاله الضحاك ، ومنه قول صفية بنت عبد المطلب ترثي رسول الله صلى الله عليه وسلم :


فقد كان نورا ساطعا يهتدى به     يخص بتنزيل المثاني المعظم



الرابع: أن المثاني معاني القرآن السبعة أمر ونهي وتبشير وإنذار وضرب أمثال وتعديد نعم وأنباء قرون ، قاله زياد بن أبي مريم.

الخامس: أنه سبع كرامات أكرمه الله بها ، أولها الهدى ثم النبوة ، ثم الرحمة ثم الشفقة ثم المودة ثم الألفة ثم السكينة وضم إليها القرآن العظيم ، قاله جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنهما. قوله عز وجل: لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم يعني ما متعناهم به من الأموال. وفي قوله: أزواجا منهم ثلاثة أوجه: أحدها: أنهم الأشباه ، قاله مجاهد .

الثاني: أنهم الأصناف قاله أبو بكر بن زياد.

الثالث: أنهم الأغنياء ، قاله ابن أبي نجيح. ولا تحزن عليهم فيه وجهان: أحدهما: لا تحزن عليهم بما أنعمت عليهم في دنياهم.

الثاني: لا تحزن بما يصيرون إليه من كفرهم. واخفض جناحك للمؤمنين فيه وجهان: أحدهما: اخضع لهم ، قاله سعيد بن جبير.

الثاني: معناه ألن جانبك لهم ، قال الشاعر :


وحسبك فتية لزعيم قوم     يمد على أخي سقم جناحا



[ ص: 172 ] وروى أبو رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل به ضيف فلم يلق عنده أمرا يصلحه ، فأرسل إلى رجل من اليهود يستسلف منه دقيقا إلى هلال رجب، فقال: لا إلا برهن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (أما والله إني لأمين في السماء وأمين في الأرض، ولو أسلفني أو باعني لأديت إليه) ، فنزلت عليه لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم

التالي السابق


الخدمات العلمية