1. الرئيسية
  2. تفسير الكشاف
  3. سورة الأنعام
  4. تفسير قوله تعالى ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون
صفحة جزء
ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون ثم لم تكن [ ص: 332 ] فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون

ويوم نحشرهم : ناصبه محذوف تقديره : ويوم نحشرهم كان كيت وكيت ، فترك ; ليبقى على الإبهام الذي هو داخل في التخويف أين شركاؤكم أي : آلهتكم التي جعلتموها شركاء لله .

وقوله : الذين كنتم تزعمون معناه : تزعمونهم شركاء ، فحذف المفعولان ، وقرئ : " يحشرهم ثم يقول" ، بالياء فيهما ; وإنما يقال لهم ذلك على وجه التوبيخ ، ويجوز أن يشاهدوهم ، إلا أنهم حين لا ينفعونهم ، ولا يكون منهم ما رجوا من الشفاعة ، فكأنهم غيب عنهم ، وأن يحال بينهم وبينهم في وقت التوبيخ ; ليفقدوهم في الساعة التي علقوا بهم الرجاء فيها ، فيروا مكان خزيهم وحسرتهم ، " فتنتهم" : كفرهم ، والمعنى : ثم لم تكن عاقبة كفرهم - الذي لزموه أعمارهم ، وقاتلوا عليه ، وافتخروا به ، وقالوا : دين آبائنا - إلا جحوده ، والتبرؤ منه ، والحلف على الانتفاء من التدين به ، ويجوز أن يراد : ثم لم يكن جوابهم إلا أن قالوا فسمى فتنة ; لأنه كذب .

وقرئ : " تكن " بالتاء ، و “ فتنتهم" ، بالنصب ; وإنما أنث : أن قالوا ; لوقوع الخبر مؤنثا ; كقولك : من كانت أمك ؟ .

[ ص: 333 ] وقرئ : بالياء ، ونصب الفتنة ، وبالياء والتاء مع رفع الفتنة .

وقرئ : " ربنا " بالنصب على النداء وضل عنهم : وغاب عنهم ما كانوا يفترون أي : يفترون إلهيته وشفاعته .

فإن قلت : كيف يصح أن يكذبوا حين يطلعون على حقائق الأمور على أن الكذب ، والجحود لا وجه لمنفعته؟

قلت : الممتحن ينطق بما ينفعه ، وبما لا ينفعه من غير تمييز بينهما حيرة ودهشا ; ألا تراهم يقولون : ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون [المؤمنون : 107] ، وقد أيقنوا بالخلود ، ولم يشكوا فيه ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك [الزخرف : 77] وقد علموا أنه لا يقضى عليهم .

وأما قول من يقول : معناه : ما كنا مشركين عند أنفسنا ، وما علمنا أنا على خطأ في معتقدنا ، وحمل قوله : انظر كيف كذبوا على أنفسهم يعني : في الدنيا ، فتحمل وتعسف وتحريف لأفصح الكلام إلى ما هو عي وإقحام ; لأن المعنى الذي ذهبوا إليه ليس هذا الكلام بمترجم عنه ، ولا منطبق عليه ، وهو ناب عنه أشد النبو ، وما أدري ما يصنع من ذلك تفسيره بقوله تعالى : يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون [المجادلة : 18] بعد قوله : ويحلفون على الكذب وهم يعلمون [المجادلة : 14] فشبه كذبهم في الآخرة بكذبهم في الدنيا .

التالي السابق


الخدمات العلمية