صفحة جزء
فصل والمرأة إحرامها في وجهها لحديث { ولا تتنقب المرأة ولا تلبس القفازين } رواه البخاري وغيره ( فتسدل ) أي تضع الثوب فوق رأسها وترخيه على وجهها ( لحاجة ) إلى ستر وجهها كمرور أجانب قريبا منها لحديث عائشة { كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه } رواه أبو داود والأثرم قال أحمد : إنما لها أن تسدل على وجهها من فوق وليس لها أن ترفع الثوب من أسفل .

قال الموفق : كان الإمام يقصد أن النقاب من أسفل وجهها ولا يضر مس المسدول بشرة وجهها ، خلافا للقاضي وإنما منعت من البرقع والنقاب لأنه معد لستر الوجه ومتى غطته لغير حاجة فدت

( وتحرم تغطيته ) أي وجه المحرمة ويجب تغطية رأسها ( ولا يمكنها تغطية جميع رأسها إلا ب ) تغطية ( جزء منه ) أي الوجه ( ولا ) يمكنها ( كشف جميعه ) أي الوجه ( إلا ب ) كشف ( جزء من الرأس ، فستر الرأس كله أولى ، لكونه ) أي الرأس ( عورة ) في الجملة ( ولا يختص ستره بإحرام ) وكشف الوجه بخلافه

( ويحرم عليها ) أي المحرمة ( ما يحرم على رجل ) محرم ، من إزالة شعر وظفر وطيب وقتل صيد وغيره مما تقدم لأن الخطاب يشمل الذكور والإناث ( غير لباس و ) غير ( تظليل محمل ) لحاجتها إليه لأنها عورة إلا وجهها ( ويباح لها ) أي المحرمة ( خلخال ونحوه من حلي ) كسوار ودملج وقرط لحديث ابن عمر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم { نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب ، وما مس الورس والزعفران من الثياب وليلبسن بعد ذلك ما أحببن من ألوان الثياب من مزعفر أو حلي } ( ويسن لها ) أي المرأة ( الخضاب ) بحناء ( عند الإحرام ) لحديث ابن عمر { من السنة أن تدلك المرأة يديها في حناء } ولأنه من الزينة فاستحب لها كالطيب ( وكره ) خضاب ( بعده ) أي الإحرام ما دامت محرمة لأنه من الزينة أشبه الكحل بالإثمد وتستحب في غير [ ص: 552 ] إحرام لمزوجة

قال في الرعاية : وغيرها : ويكره لأيم قال الموفق والشارح وجماعة : ولا بأس به لرجل فيما لا تشبه فيه بالنساء ( وإذا شدت يديها بخرقة فدت ) لسترها لهما بما يختص بهما أشبه القفازين ، وكشد الرجل شيئا على جسده فإن لفتهما من غير شد فلا فدية ، لأن المحرم الشد لا التغطية كبدن الرجل ( ويحرم عليهما ) أي الرجل والمرأة ( لبس قفازين ) للخبر فيها وهو أولى ( وهما ) أي القفازان ( شيء يعمل لليدين ) يدخلان فيه ليسترهما ( كما يعمل للبزاة ويفديان ) أي الرجل والمرأة ( بلبسهما ) أي القفازين كباقي المحظورات

( وكره لهما ) أي الرجل والمرأة ( اكتحال بإثمد ونحوه ) من كل كحل أسود ( لزينة ) لما روي عن عائشة أنها قالت لامرأة محرمة " اكتحلي بأي كحل شئت غير الإثمد أو الأسود " و ( لا ) يكره اكتحالهما بذلك ( لغيرها ) أي الزينة ، كوجع عين لحاجة ( ولهما ) أي لرجل وامرأة محرمين ( لبس معصفر ) أي مصبوغ بعصفر لأنه ليس بطيب ولا بأس باستعماله وشمه .

( و ) لهما لبس ( كحلي ) وكل مصبوغ بغير ورس أو زعفران لأن الأصل الإباحة ، إلا ما ورد الشرع بتحريمه ، أو كان في معناه .

( و ) لهما ( قطع رائحة كريهة بغير طيب ) لما تقدم ، بل هذا مطلوب ( و ) لهما ( اتجار وعمل صنعة ما لم يشغلا ) أي الاتجار وعمل الصنعة ( عن واجب أو مستحب ) لقول ابن عباس " كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية ، فتأثموا أن يتجروا في المواسم فنزلت { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } في مواسم الحج " رواه البخاري

( و ) لهما ( نظر في مرآة لحاجة كإزالة شعر بعين ) دفعا لضرره ( وكره ) نظرهما في مرآة ( لزينة ) ولا يصلح المحرم شعثا ولا ينفض عنه غبارا لحديث أبي هريرة وعبد الله بن عمر مرفوعا { إن الله تعالى يباهي الملائكة بأهل عرفة انظروا إلى عبادي ، أتوني شعثا غبرا } رواه أحمد

( وله ) أي الرجل المحرم ( لبس خاتم ) مباح من فضة أو عقيق ونحوه لما روى الدارقطني عن ابن عباس " لا بأس بالهميان والخاتم للمحرم " .

وفي رواية " رخص للمحرم الهميان والخاتم " وله أيضا ختان ، وربط جرح ، وقطع عضو عند حاجة وحجامة ( ويجتنبان ) أي المحرم والمحرمة وجوبا ( الرفث ) أي الجماع كما تقدم ( والفسوق ) أي السباب وقيل : المعاصي ( والجدال ) وهو المراء روي عن ابن عمر : قال ابن عباس : " هو أن تماري صاحبك حتى [ ص: 553 ] تغضبه " ( ويسن قلة كلامهما ) أي المحرم والمحرمة ( إلا فيما ينفع ) لحديث أبي هريرة مرفوعا { من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت } متفق عليه .

وعنه مرفوعا { من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه } حديث حسن رواه الترمذي وغيره

التالي السابق


الخدمات العلمية