صفحة جزء
( ويبدأ في قسم بدفع سلب ) إلى مستحقه [ ص: 642 ] وبرد مال مسلم ومعاهد إن كان وعرف ( ثم بأجرة جمع ) غنيمة ( وحمل ) ها ( وحفظ ) ها ; لأنه من مؤنتها كعلف دوابها ( و ) دفع ( جعل من دل على مصلحة ) من ماء أو قلعة ، أو ثغرة يدخل منها إلى حصن ونحوه لأنه في معنى السلب . قاله في الشرح . قلت : هذا من النفل ، فحقه أن يكون بعد الخمس كما يعلم مما تقدم ، ويأتي ( ثم يخمس الباقي ) على خمسة أسهم ( ثم ) يخمس ( خمسه على خمسة أسهم ) منها ( سهم لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم مصرفه كالفيء ) في مصالح المسلمين كلها .

( وكان ) صلى الله عليه وسلم ( قد خص ) بالبناء للمفعول ( من المغنم بالصفي ، وهو ) أي الصفي ( ما يختاره صلى الله عليه وسلم قبل قسمة ) غنيمة منها ( كجارية وثوب وسيف ) لحديث أبي داود { أنه صلى الله عليه وسلم كتب إلى بني زهير بن قيس : إنكم إن شهدتم أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وآتيتم الزكاة وأديتم الخمس من المغنم وسهم الصفي إنكم آمنون بأمان الله ورسوله } .

وفي حديث وفد عبد القيس رواه ابن عباس { وأن تعطوا سهم النبي صلى الله عليه وسلم والصفي } وقالت عائشة : " كانت صفية من الصفي " رواه أبو داود ، وانقطع ذلك بموته صلى الله عليه وسلم لأن الخلفاء الراشدين لم يأخذوه ولا من بعدهم ولا يجمعون إلا على الحق ( وسهم لذوي القربى ، وهم بنو هاشم وبنو المطلب ) ابني عبد مناف دون غيرهم من بني عبد مناف .

لحديث جبير بن مطعم قال { لما قسم النبي صلى الله عليه وسلم من خيبر بين بني هاشم وبني المطلب ، أتيت أنا وعثمان بن عفان فقلنا : يا رسول الله ، أما بنو هاشم فلا ننكر فضلهم لمكانك الذي وضعك الله به منهم فما بال إخواننا من بني المطلب أعطيتهم وتركتنا ، وإنما نحن وهم منك بمنزلة واحدة ؟ فقال : إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام ، وإنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد ، وشبك بين أصابعه } رواه أحمد والبخاري ، ولا يستحق منهم مولى لهم ، ولا من أمه منهم دون أبيه ( حيث كانوا ) أي بنو هاشم وبنو المطلب يقسم بينهم ( للذكر مثل حظ الأنثيين ) لأنهم يستحقونه بالقرابة .

أشبه الميراث والوصية ( غنيهم وفقيرهم فيه سواء ) لعموم قوله تعالى : { ولذي القربى } وكان صلى الله عليه وسلم يعطي أقاربه كلهم وفيهم الغني كالعباس ( وسهم لفقراء اليتامى . وهم ) أي اليتامى ( من لا أب له ) أي مات أبوه ( ولم يبلغ ) لحديث { لا يتم بعد الاحتلام } واعتبر فقرهم لأن الصرف إليهم لحاجتهم ولأن وجود المال أنفع من وجود الأب ، ويسوي فيه بين [ ص: 643 ] ذكورهم وإناثهم ( وسهم للمساكين ) أي أهل الحاجة فيدخل فيهم الفقراء ( وسهم لأبناء السبيل ، فيعطون ك ) ما يعطون من ( زكاة ) للآية ( بشرط إسلام الكل ) لأنه عطية من الله ، ولا حق لكافر فيه كزكاة ولا لقن .

( ويعم من بجميع البلاد ) من ذوي القربى واليتامى والمساكين وأبناء السبيل ( حسب الطاقة ) فيبعث الإمام إلى عماله بالأقاليم وينظر ما حصل من ذلك ، فإن استوت فرق كل خمس فيما قاربه ، إن اختلفت ; أمر بحمل الفضل ليدفع لمستحقه كميراث وإذا لم تأخذ بنو هاشم وبنو المطلب ) أسهمهم ( رد في كراع ) أي خيل ( و ) في ( سلاح ) عدة في سبيل الله ، لفعل أبي بكر وعمر ، ذكره أبو بكر ( ومن فيه ) ممن يستحق من الخمس ( سببان فأكثر ) كهاشمي ابن سبيل يتيم ( أخذ بها ) لأنها أسباب لأحكام ، فوجب ثبوت أحكامها كما لو انفردت .

( ثم ) يبدأ من الأربعة أخماس التي للغانمين ( بنفل ) بفتح الفاء ( وهو ) أي النفل ( الزائد على السهم لمصلحة ) لانفراد بعض الغانمين به ، فقدم قبل القسمة كالسلب ( ويرضخ ) وهو العطاء دون السهم لمن لا سهم له من الغنيمة . فيرضخ ( لمميز وقن وخنثى وامرأة على ما يراه ) الإمام أو نائبه ، فيفضل المقاتل وذا البأس ومن تسقي الماء وتداوي الجرحى على من ليس كذلك ( إلا أنه لا يبلغ به ) أي الرضخ ( لراجل سهم الراجل ولا لفارس سهم الفارس ) لئلا يساوي من يسهم له ( ولمبعض بالحساب من رضخ وإسهام ) كحد ودية ( وإن غزا قن على فرس سيده رضخ له ) أي القن ( وقسم لها ) أي الفرس تحته ، لأن سهمهما لمالكها . وكذا لو كان مع العبد فرس أخرى كما لو كانتا مع السيد ( إن لم يكن مع سيده فرسان ) لأنه لا يسهم لأكثر من فرسين على ما يأتي .

وإن غزا صبي على فرس له أو امرأة على فرسها رضخ للفرس وراكبه بلا إسهام ; لأنه لمالك الفرس وليس من أهله ( ثم يقسم ) إمام ( الباقي ) بعد ما سبق ( بين من شهد الوقعة ) أي الحرب ( لقصد قتال ) قاتل أو لم يقاتل ، حتى تجار العسكر وأجراؤهم المستعدين للقتال . لما روي عن عمر أنه قال : { الغنيمة لمن شهد الوقعة } ولأن غير المقاتل رده للمقاتل .

ويسهم لخياط وخباز وبيطار ونحوهم حضروا نصا ، بخلاف من لم يستعد للقتال من تجار وغيرهم لأنه لا نفع فيهم ( أو بعث في سرية أو ) بعث ( لمصلحة كرسول ودليل وجاسوس ولمن خلفه الأمير ببلاد العدو وغزا ولم يمر [ ص: 644 ] الأمير به فرجع ) لأنه في مصلحة الجيش والمسلمين ، وهو أولى بالإسهام ممن حضر الوقعة ولم يقاتل ( ولو مع منع غريم له أو منع أب ) له ، لتعين الجهاد عليه بحضور الصف و ( لا ) يسهم ( لمن لا يمكنه قتال ) لمرض ( ولا لدابة لا يمكنه ) قتال ( عليها لمرض ) كزمانة وشلل لخروجه عن أهلية الجهاد ، بخلاف حمى يسيرة وصداع ووجع ضرس ونحوه ، فيسهم له ; لأنه لم يخرج عن أهلية الجهاد و ( لا ) يسهم ( لمخذل ومرجف ونحوهما ) كرام بيننا بفتن ومكاتب بأخبارنا ، لأنه ممنوع من الدخول مع الجيش أشبه الفرس العجيف .

( ولو ترك ذلك ) أي التخذيل والإرجاف ونحوه ( وقاتل لا يرضخ له ) أي المخذل والمرجف ونحوهما لما تقدم و ( لا ) يسهم ولا يرضخ ( لمن نهاه الأمير أن يحضر ) فلم ينته لأنهم عصاة ( ولا كافر لم يستأذنه ) أي الإمام ( ولا عبد لم يأذن له سيده ) في غزو لعصيانهما ( ولا طفل ولا مجنون ) لأنهما لا يصلحان للقتال ( ولا من فر من اثنين ) كافرين لعصيانه ( ف ) يقسم ( للراجل ولو ) كان ( كافرا سهم . وللفارس على فرس عربي ويسمى العتيق ثلاثة ) أسهم ، سهم له وسهمان لفرسه ، لحديث ابن عمر : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم يوم خيبر للفارس ثلاثة أسهم سهمان لفرسه وسهم له } متفق عليه . وقال خالد الحذاء : لا يختلف فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { أنه أسهم هكذا للفرس سهمين ولصاحبه سهما وللراجل سهما } ( و ) للفارس ( على فرس هجين وهو ما أبوه فقط عربي ، أو ) على فرس ( مقرف عكس الهجين ) وهو ما أمه فقط عربية ( أو ) على فرس ( برذون وهو ما أبواه نبطيان سهمان ) سهم له وسهم لفرسه . لحديث مكحول { أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الفرس العربي سهمين وأعطى الهجين سهما } رواه سعيد وعن عمر شبهه

التالي السابق


الخدمات العلمية