صفحة جزء
( وشرط ) لرجوع من وجد عين ماله عنده ستة شروط ( كون المفلس حيا إلى أخذها ) لحديث أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { أيما رجل باع متاعه فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئا فوجد متاعه بعينه فهو أحق به ، وإن مات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء } رواه مالك وأبو داود مرسلا ورواه أبو داود مسندا وقال حديث مالك أصح ; ولأن الملك انتقل عن المفلس إلى الورثة أشبه ما لو باعه .

( و ) الشرط الثاني ( بقاء كل عوضها ) أي العين ( في ذمته ) أي المفلس للخبر ، ولما في الرجوع في قسط باقي العوض من التشقيص وإضرار المفلس والغرماء ، لكونه لا يرغب فيه كالرغبة في الكامل .

( و ) الثالث ( كون كلها ) أي السلعة ( في ملكه ) أي المفلس ، فلا رجوع إن تلف بعضها ، أو بيع ، أو وقف ونحوه ; لأن البائع ونحوه إذن لم يدرك متاعه وإنما أدرك بعضه ، ولا يحصل له بأخذ البعض فصل الخصومة وانقطاع ما بينهما ، وسواء رضي بأخذ الباقي بكل الثمن أو بقسطه لفوات الشرط ( إلا إذا جمع العقد عددا ) كثوبين فأكثر ( فيأخذ ) بائع ونحوه ( مع تعذر بعضه ) أي المبيع ونحوه بتلف إحدى العينين أو بعضه [ ص: 163 ] ( ما بقي ) أي العين السالمة نصا ; لأن السالم من العينين وجده ربه بعينه فيدخل في عموم الخبر .

( و ) الرابع : كون ( السلعة بحالها ) بأن لم تنقص ماليتها لذهاب صفة من صفاتها مع بقاء عينها بأن ( لم توطأ بكر ولم يجرح قن ) جرحا تنقص به قيمته ، فإن وطئت أو جرح فلا رجوع لذهاب جزء من العين له بدل ، وهو المهر والأرش ، فمنع الرجوع كقطع اليد بخلاف وطء ثيب بلا حمل وهزال ونسيان صنعة .

( و ) بأن ( لم تختلط بغير متميز ) فإن خلط زيت بزيت ونحوه فلا رجوع ; لأنه لم يجد عين ماله ، بخلاف خلط بر بحمص فلا أثر له .

( و ) بأن ( لم تتغير صفاتها بما يزيل اسمها كنسج غزل وخبز دقيق ) أي جعله خبزا ( وجعل دهن ) كزيت ( صابونا ) وشريط إبرا ونحوه ، أو قطع ثوب قميصا ونحوه ، فإن جعل كذلك فلا رجوع لما تقدم .

( و ) الخامس كون السلعة ( لم يتعلق بها حق كشفعة ) فإن تعلق بها حق شفعة فلا رجوع لسبق حق الشفيع ; لأنه ثبت بالبيع ، وحق البائع ثبت بالحجر والسابق أولى .

( و ) ك ( جناية ) فإن كان قنا فجنى على المفلس أو غيره ، ذكره في شرحه ، فلا رجوع لربه فيه ; لأن الرهن يمنعه ، وحق الجناية مقدم عليه ، فأولى أن يمنع .

( و ) ك ( رهن ) فإن رهنه فلا يصح لربه رجوع فيه ; لأن المفلس عقد عليه قبل الحجر عقدا منع به نفسه من التصرف فيه ، فمنع باذله الرجوع فيه كالهبة ; ولأن رجوعه إضرار بالمرتهن ، ولا يزال الضرر بالضرر فإن كان دين المرتهن دون قيمة الرهن بيع كله ورد باقي ثمنه في المقسم ، وإن بيع بعضه لوفاء الدين فباقيه بين الغرماء ( وإن أسقطه ) أي الحق ( ربه ) كإسقاط الشفيع شفعته وولي الجناية أرشها ورد المرتهن الرهن ( فكما لو لم يتعلق ) بالعين حق فلربها أخذها لوجد أنها بعينها خالية من تعلق حق غيره بها .

( و ) السادس كون السلعة ( لم تزد زيادة متصلة كسمن وتعلم صنعة ) ككتابة وتجارة ونحوهما ( وتجدد حمل ) في بهيمة ، فإن زادت كذلك فلا رجوع ; لأن الزيادة للمفلس لحدوثها في ملكه ، فلم يستحق رب العين أخذها منه كالحاصلة بفعله ; ولأنها لم تصل إليه من البائع فلم يستحق أخذها منه كغيرها من أمواله ، ويفارق الرد بالعيب ; لأنه من المشتري ، فقد رضي بإسقاط حقه من الزيادة ، والخبر محمول على من وجد متاعه على صفته ليس بزائد لتعلق حق الغرماء بالزيادة ، و ( لا ) يمنع الحمل الرجوع ( إن ولدت ) البهيمة عند المفلس ; لأنه زيادة منفصلة ككسب [ ص: 164 ] العبد ، وظاهر كلامه كأكثر الأصحاب أنه لا يشترط حياة رب السلعة إلى أخذها فتقوم ورثته مقامه في الرجوع ، وخالف فيه جمع وتبعهم في الإقناع

التالي السابق


الخدمات العلمية