صفحة جزء
المحرمات في النكاح ضربان : أي صنفان ( ضرب ) يحرم ( على الأبد ) أي [ ص: 651 ] المحرمات على الأبد ( هن أقسام ) خمسة ( قسم ) يحرمن ( بالنسب وهن سبع الأم والجدة لأب ) وإن علت ( أو ) الجدة ( لأم وإن علت ) لقوله تعالى : { حرمت عليكم أمهاتكم } وأمهاتك كل من انتسبت إليها بولادة سواء وقع عليها اسم الأم حقيقة وهي التي ولدتك ، أو مجازا وهي والتي ولدت من ولدتك وإن علت ; ومنه جداتك أم أبيك ، وأم أمك ، وجدة أمك وجدات أجدادك ، وجدات جداتك . وإن علون وارثات كن أو غير وارثات ذكر أبو هريرة : { هاجر أم إسماعيل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تلك أمكم يا بني ماء السماء } .

وفي الدعاء المأثور { اللهم صلي على أبينا آدم وأمنا حواء } ( والبنات ) لصلب ( وبنات الولد ) ذكرا كان أو أنثى ( وإن سفل ) وارثات كن أو غير وارثات ، لقوله تعالى : { وبناتكم } ( ولو ) كن ( منفيات بلعان ) أو كن ( من زنا ) لدخولهن في عموم اللفظ ، والنفي بلعان لا يمنع احتمال كونها خلقت من مائه .

وكذا يقال في الأخوات وغيرهن مما يأتي من الأقسام ، ويكفي في التحريم أن يعلم أنها بنتها ونحوها ظاهرا ، وإن كان النسب لغيره ( والأخت من الجهات الثلاث ) وهي الأخت لأبوين والأخت لأب والأخت لأم ، لقوله تعالى : وأخواتكم ( وبنت لها ) أي للأخت مطلقا ( أو ) بنت ( لابنها ) أي ابن الأخت ( أو ) بنت ( لبنتها ) أي لبنت الأخت ، لقوله تعالى : { وبنات الأخت } ( وبنت كل أخ ) شقيق أو لأب أو لأم ( وبنتها ) أي بنت بنت الأخ ( وبنت ابنها وإن نزلن كلهن ) لقوله تعالى : { وبنات الأخ } ( والعمة ) من كل جهة ( والخالة من كل جهة وإن علتا ) أي العمة والخالة ( كعمة أبيه وعمة ) أمه لقوله تعالى : { وعماتكم وخالاتكم } ( وعمة العم لأب ) لأنها عمة أبيه و ( لا ) تحرم عمة العم ( لأم ) بأن يكون للعم أخي أبيه لأمه عمة فلا تحرم على ابن أخيه ، لأنها أجنبية منه و ( كعمة الخالة لأب ) فتحرم ; لأنها عمة الأم و ( لا ) تحرم ( عمة الخالة لأم ) لأنها أجنبية منه ( و ) ( كخالة العمة لأم ) فتحرم ; لأنها خالة أبيه .

و ( لا ) تحرم خالة ( العمة لأب ) لأنها أجنبية ( فتحرم كل نسيبة ) أي قريبة ( سوى بنت عم و ) بنت ( عمة وبنت خال وبنت خالة و ) إن نزلن ، لقوله تعالى : { وبنات عمك } الآية . والقسم ( الثاني ) من المحرمات على الأبد [ ص: 652 ] المحرمات ( بالرضاع ولو ) كان الإرضاع محرما كمن ( أكره ) وفي نسخة غصب ( امرأة على إرضاع طفل ) فأرضعته فتحرم عليه لوجود سبب التحريم وهو الرضاع ، ولا يشترط في سبب التحريم كونه مباحا بدليل ثبوت تحريم والمصاهرة بالزنا وكذا لو غصب لبن امرأة وسقاه طفلا سقيا محرما ( وتحريمه ) أي الرضاع ( ك ) تحريم ( نسب ) فكل امرأة حرمت من النسب حرم مثلها بالرضاع حتى من ارتضعت من لبن ثاب منه من زنا كبنته من زنا نص عليه في رواية عبد الله لحديث ابن عباس { أنه صلى الله عليه وسلم أريد على ابنة حمزة فقال : إنها لا تحل لي . إنها ابنة أخي من الرضاع فإنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب } وفي لفظ { من الرحم } متفق عليه .

وعن علي مرفوعا { أن الله حرم من الرضاع ما حرم من النسب } رواه أحمد والترمذي وصححه ولأن الأمهات والأخوات منصوص عليهن في قوله تعالى : { وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة } والباقيات يدخلن في عموم لفظ سائر المحرمات فيدخل في البنات بنات الرضاعة وفي بنات الأخ والأخت بناتهما من الرضاعة وفي العمات والخالات العمة والخالة من الرضاع ( حتى في مصاهرة فتحرم زوجة أبيه و ) زوجة ( ولده من رضاع ك ) ما تحرم عليه زوجة أبيه وابنه ( من نسب ) وقوله تعالى : { الذين من أصلابكم } احترازا عمن تبناه و ( لا ) تحرم على رجل ( أم أخيه ) من رضاع ( و ) لا ( أخت ابنه من رضاع ) أي فتحل مرضعة وبنتها لأبي مرتضع وأخيه من نسب وتحل أم مرتضع وأخته من نسب لأبيه وأخيه من رضاع ; لأنهن في مقابلة من يحرم بالمصاهرة لا في مقابلة من يحرم من النسب ، والشارع إنما حرم من الرضاع ما حرم من النسب لا ما يحرم بالمصاهرة .

القسم ( الثالث ) المحرمات ( بالمصاهرة وهن أربع ) إحداهن ( أمهات زوجته وإن علون ) من نسب ومثلهن من رضاع فيحرمن بمجرد العقد نصا لقوله تعالى : { وأمهات نسائكم } والمعقود عليها من نسائه فتدخل أمها في عموم الآية . قال ابن عباس أبهموا ما أبهم القرآن أي عمموا حكمها في كل حال ولا تفصلوا بين المدخول بها وغيرها ، وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا { من تزوج امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها فلا بأس أن يتزوج ربيبته ولا يحل له أن يتزوج أمها } رواه أبو حفص [ ص: 653 ]

( و ) الثاني والثالث ( حلائل عمودي نسبه ) أي زوجات آبائه وأبنائه سميت امرأة الرجل حليلة ; لأنها تحل إزار زوجها ومحللة له ( ومثلهن ) أي مثل حلائل عمودي نسبه زوجات آبائه وأبنائه ( من رضاع فيحرمن ) أي أمهات زوجته وحلائل عمودي نسبه ومثلهن من رضاع ( بمجرد عقد ) قال في الشرح لا نعلم في هذا خلافا ، ويدخل فيه زوجة الجد وإن علا وارثا كان أو غيره وزوجة الابن وزوجة ابنه وابن بنته وإن نزل وارثا كان أو غير وارث و ( لا ) تحرم ( بناتهن ) أي بنات حلائل عمودي نسبه ( وأمهاتهن ) فتحل له ربيبة والده وولده وأم زوجة والده وولده ، لقوله تعالى : { وأحل لكم ما وراء ذلكم } .

( و ) الرابعة ( الربائب وهن بنات زوجته دخل بها وإن سفلن ) من نسب أو رضاع ، قوله تعالى : { وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن } ( أو كن ) بنات ( لربيب أو ) كن بنات ل ( ابن ربيبه ) قريبات كن أو بعيدات وارثات أو غير وارثات في حجره أو لا ، لأن التربية لا تأثير لها في التحريم . وأما قوله تعالى : { اللاتي في حجوركم } فقد خرج مخرج الغالب لا الشرط فلا يصح التمسك بمفهومه .

( فإن ماتت ) الزوجة ( قبل دخول ) لم تحرم بناتها لقوله تعالى : { فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم } ( أو أبانها ) أي الزوجة ( بعد خلوة وقبل وطء لم يحرمن ) أي بناتها للآية والخلوة لا تسمى دخولا ( وتحل زوجة ربيب ) بانت منه لزوج أمه .

( و ) تحل ( بنت زوج أم ) لابن امرأته ( و ) تحل ( زوجة زوج أم ) لابنها ( و ) يحل ( لأنثى ابن زوجة ابن ) لها ( و ) ويحل لأنثى ( زوج زوجة أب ) بأن تتزوج زوج زوجة أبيها ( أو ) زوج ( زوجة ابن ) بأن تتزوج زوج زوجة ابنها ، لقوله تعالى : { وأحل لكم ما وراء ذلكم } ولأن الأصل في الفروج الحل إلا ما ورد الشرع بتحريمه .

( ولا يحرم ) بتشديد الراء وطء ( في مصاهرة إلا بتغييب حشفة أصلية في فرج أصلي ) ظاهره ولو بحائل ( ولو دبرا ) ; لأنه فرج يتعلق به التحريم إذا وجد في الزوجة والأمة فكذا في الزنا ( أو ) كان الوطء ( بشبهة أو بزنا بشرط حياتهما ) أي الواطئ والموطوءة فلو أولج ذكره في فرج ميتة أو أدخلت امرأة حشفة ميت في فرجها لم يؤثر في تحريم المصاهرة ( و ) يشترط ( كون مثلهما يطأ ويوطأ ) فلو أولج ابن [ ص: 654 ] دون عشر سنين حشفته في فرج امرأة أو أولج ابن عشر فأكثر حشفته في فرج بنت دون تسع لم يؤثر في تحريم المصاهرة . وكذا تغييب بعض الحشفة واللمس والقبلة والمباشرة دون الفرج فلا يؤثر في تحريم المصاهرة ، ومقتضاه أيضا أن تحمل المرأة ماء أجنبي لا يؤثر في تحريم المصاهرة .

وجزم به في الإقناع ، ويأتي به في الصداق أنه يحرم كالوطء ، وإنما كان وطء الشبهة والزنا محرما كالحلال ، لعموم قوله تعالى : { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم } ونظائره ، ولأن ما تعلق من التحريم بالوطء المباح تعلق بالمحظور كوطء الحائض ( ويحرم بوطء ذكر ما يحرم ب ) وطء ( امرأة فلا يحل لكل من لائط وملوط به أم الآخر ، ولا ابنته ) أي الآخر ، لأنه وطئ في فرج فنشر الحرمة كوطء امرأة . قال في الشرح الصحيح : أن هذا لا ينشر الحرمة فإن هؤلاء غير منصوص عليهن في التحريم فيدخلن في عموم قوله : { وأحل لكم ما وراء ذلكم } ولا هن غير منصوص عليهن ، ولأنهن في معنى المنصوص عليهن ، فوجب أن لا يثبت حكم التحريم ، فيهن فإن المنصوص عليهن في هذا حلائل الأبناء ومن نكحهن الآباء وأمهات النساء وبناتهن وليس هؤلاء منهن ولا في معناهن القسم ( الرابع ) من المحرمات على الأبد المحرمة ( باللعان ) نصا ( فمن لاعن زوجته ولو في نكاح فاسد ) لنفي ولد ( أو ) لاعن زوجته ( بعد إبانة لنفي ولد حرمت أبدا ولو أكذب نفسه ) ويأتي موضحا في اللعان القسم ( الخامس ) من المحرمات على الأبد ( زوجات نبينا ) محمد صلى الله عليه وسلم فيحرمن ( على غيره ) أبدا ، لقوله تعالى : { ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا } ( ولو من فارقها ) في حياته ; لأنها من أزواجه ( وهن أزواجه دنيا وأخرى ) كرامة له صلى الله عليه وسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية