صفحة جزء
( ولا يتقدر ) الصداق ( فكل ما صح ثمنا ) في بيع ( أو أجرة ) في إجارة ( صح مهرا ، وإن قل ) لحديث { التمس ، ولو خاتما من حديد } وحديث { لو أن رجلا أعطى امرأة صداقا ملء يده طعاما كانت له حلالا } رواه أبو داود بمعناه ، وعن عامر بن ربيعة { أن امرأة من فزارة تزوجت على نعلين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضيت من مالك ، ونفسك بنعلين قالت : نعم فأجازه } رواه أحمد ، وابن ماجه ، والترمذي ، وصححه . واشترط الخرقي أن يكون له نصف يتمول فلا يجوز على فلس ونحوه ، وتبعه عليه جمع ، وصاحب الإقناع فيصح النكاح على عين أو دين حال أو مؤجل ( ، ولو على منفعة زوج أو ) منفعة ( حر غيره ) أي : الزوج ( معلومة ) أي : المنفعة ( مدة معلومة كرعاية غنمها مدة معلومة ) ( أو ) على ( عمل معلوم منه ) أي : الزوج ( أو ) من ( غيره كخياطة ثوبها ، ورد قنها ) أي : الزوجة ( من محل معين ) ، ومنافع الحر ، والعبد سواء لقوله تعالى عن شعيب لموسى { إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج } ; ولأن منفعة الحر يجوز العوض عنها في الإجارة فجازت صداقا كمنفعة العبد ، والقول بأنها ليست مالا ممنوع بأنه يجوز المعاوضة عنها وبها . ثم إن لم تكن المنفعة مالا فقد أجريت مجرى المال ، فإن كانت المنفعة مجهولة كرد عبدها أين كان أو خدمتها فيما شاءت لم يصح الإصداق كالثمن في البيع ، والأجرة في الإجارة .

( و ) كأن يصدقها ( تعليمها ) [ ص: 7 ] أي : المنكوحة ( معينا من فقه أو حديث ) إن كانت مسلمة فيعين الذي يتزوجها عليه هل هو كله أو باب منه أو مسائل من باب ، وفقه أي مذهب وأي كتاب منه ، وأن التعليم تفهيمه إياها أو تحفيظه ( أو شعر مباح أو أدب ) من نحو ، وصرف ، ومعان ، وبيان وبديع ونحوه ( أو ) يصدقها تعليمها ( صنعة كخياطة أو كتابة ، ولو لم يعرفه ) أي : العمل الذي أصدقه إياها ( ، ويتعلمه ثم يعلمها ) إياه ; لأن التعليم يكون في ذمته أشبه ما لو أصدقها مالا في ذمته لا يقدر عليه حال الإصداق ، ويجوز أن يقيم لها من يعلمها ( وإن تعلمته أي : ما أصدقها تعليمه من غيره ) أي : الزوج ( لزمه أجرة تعليمها ) وكذا إن تعذر عليه تعليمها أو أصدقها خياطة ثوب فتعذرت عليه كما لو تلف الثوب ونحوه ، وإن مرض أقيم مقامه من يخيطه ، وإن جاءته بغيرها ليعلمه ما أصدقها لم يلزمه ; لأن المستحق عليه العمل في عين لم يلزمه إيقاعه في غيرها ، كما لو استأجرته لخياطة ثوب معين فأتته بغيره ليخيطه لها ; ولأن المتعلمين يختلفون في التعليم اختلافا كثيرا ، وقد يكون له غرض في تعليمها فلا يلزمه تعليم غيرها . وإن أتاها بغيره ليعلمها لم يلزمها قبوله لاختلاف المعلمين في التعليم وقد يكون لها غرض في التعلم منه لكونه زوجها ( وعليه ) أي : من أصدق امرأة تعليم شيء ( بطلاقها قبل تعليم ، ودخول ) بها ( نصف الأجرة ) للتعليم ; لأنها صارت أجنبية منه فلا تؤمن في تعليمها الفتنة .

( و ) إن طلقها قبل تعليم ( بعد دخول ف ) عليه ( كلها ) أي : الأجرة لاستقرار ما أصدقها بالدخول ( وإن علمها ) ما أصدقها تعليمه ( ثم سقط ) الصداق لمجيء الفرقة من قبلها ( رجع ) الزوج على الزوجة ( بالأجرة ) لتعليمها لتعذر الرجوع بالتعليم .

( و ) يرجع ( مع تنصفه ) أي : الصداق لنحو طلاقه إياها بعد أن علمها ( بنصفها ) أي : أجرة التعليم ( ولو طلقها فوجدت حافظة لما أصدقها ) تعليمه ( ، وادعى تعليمها ) إياه ( فأنكرته حلفت ) ; لأنها منكرة ، والأصل عدمه ، وإن علمها ما أصدقها تعليمه ثم نسيته فليس عليه غير ذلك ; لأنه ، وفى لها به ، وإنما تلف الصداق بعد القبض ، وإن كانت كلما لقنها شيئا نسيته لم يعد تعليما عرفا

التالي السابق


الخدمات العلمية