صفحة جزء
فصل في النشوز من النشز وهو ما ارتفع من الأرض ، فكأنها ارتفعت ، وتعالت عما فرض عليها من المعاشرة بالمعروف ، ويقال : نشزت بالشين والزاي ، ونشصت بالشين والصاد المهملة ( وهو معصيتها إياه فيما يجب عليها ) طاعته فيه . ( وإذا ظهر منها أمارته ) أي : النشوز ( بأن منعته ) أي : الزوج ( الاستمتاع ) بها ( أو أجابته متبرمة ) كأن تتثاقل إذا دعاها أو لا تجيبه إلا بكره ( وعظها ) أي : خوفها الله ، وذكر لها ما أوجب عليها من الحق ، والطاعة وما يلحقها من الإثم بالمخالفة ، وما يسقط به من النفقة ، والكسوة ، وما يباح به من هجرها ، وضربها . لقوله تعالى : { واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن } .

وفي الحديث " { إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة إلى أن ترجع } " متفق عليه ( فإن أصرت ) ناشزة بعد وعظها ( هجرها في مضجع ) أي : ترك مضاجعتها ( ما شاء ) ما دامت كذلك ( و ) هجرها ( في الكلام ثلاثة أيام لا فوقها ) لقوله تعالى : { واهجروهن في المضاجع } . ولحديث أبي هريرة مرفوعا " { لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام } " .

( فإن أصرت ) مع هجرها في المضجع ، والكلام على ما هي عليه ( ضربها ) ضربا ( غير شديد ) لحديث " { لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يضاجعها في آخر اليوم } " ( عشرة أسواط لا فوقها ) لحديث " { لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله تعالى } " متفق عليه . ويجتنب الوجه [ ص: 55 ] والمواضع المخوفة . وليس له ضربها إلا بعد هجرها في الفراش ، والكلام ; لأن القصد التأديب ، والزجر فيبدأ فيه بالأسهل فالأسهل ، وقال أحمد في الرجل يضرب امرأته " لا ينبغي لأحد أن يسأله ولا أبوها لم ضربها للخبر " رواه أبو داود ( ويمنع منها ) أي : هذه الأشياء ( من ) أي : زوج ( علم بمنعه ) زوجته ( حقها حتى يوفيه ) لها لظلمه بطلبه حقه مع منع حقها . وينبغي للمرأة أن لا تغضب زوجها لحديث أحمد عن الحصين بن المحيصن " { أن عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أذات زوج أنت ؟ قالت : نعم . قال : انظري أين أنت منه فإنما هو جنتك ، ونارك } " قال في الفروع : إسناده جيد ، وينبغي للزوج مداراتها ، وحدث رجل لأحمد ما قيل : " العافية عشرة أجزاء . تسعة منها في التغافل " فقال أحمد " عشرة أجزاء كلها في التغافل " .

التالي السابق


الخدمات العلمية