صفحة جزء
قوله تعالى : وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر الآية . قال ابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة والسدي ومجاهد : هو كل ما ليس بمفتوح الأصابع كالإبل والنعام والإوز والبط . وقال بعض أهل العلم : { يدخل في ذلك جميع أنواع السباع والكلاب والسنانير وسائر ما يصطاد بظفره من الطير } .

قال أبو بكر : قد ثبت تحريم الله تعالى ذلك عليهم على لسان بعض الأنبياء ، فحكم ذلك التحريم عندنا ثابت بأن يكون شريعة لنبينا صلى الله عليه وسلم إلا أن يثبت نسخه ، ولم يثبت نسخ تحريم الكلاب والسباع ونحوها فوجب أن تكون محرمة بتحريم الله بديا وكونه شريعة لنبينا صلى الله عليه وسلم وقوله تعالى . : حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما يستدل به من أحنث الحالف أن لا يأكل شحما فأكل من شحم الطير لاستثناء الله ما على ظهورهما من جملة التحريم ، وهو قول أبي يوسف ومحمد وعند أبي حنيفة ما على الظهر إنما يسمى لحما سمينا في العادة ولا يتناوله اسم الشحم على الإطلاق ؛ وتسمية الله إياه شحما لا توجب دخوله في اليمين ؛ إذ لم يكن الاسم له متعارفا ألا ترى أن الله تعالى قد سمى السمك لحما والشمس سراجا ولا يدخل في اليمين ؟ والحوايا ، روي عن ابن عباس والحسن وسعيد بن جبير وقتادة ومجاهد والسدي [ ص: 194 ] أنها المباعر ، وقال غيرهم : هي بنات اللبن ، ويقال : إنها الأمعاء التي عليها الشحم .

وأما قوله تعالى : أو ما اختلط بعظم فإنه روي عن السدي وابن جريج أنه شحم الجنب والألية لأنهما على عظم وهذا أيضا يدل على ما ذكرنا من أن دخول ( أو ) على النفي يقتضي نفي كل واحد مما دخل عليه على حياله ؛ لأن قوله تعالى : إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم تحريم للجميع ، ونظيره قوله تعالى : ولا تطع منهم آثما أو كفورا نهي عن طاعة كل واحد منهما ، وكذلك قال أصحابنا فيمن قال والله لا أكلم فلانا أو فلانا أنه أيهما كلم حنث لأنه نفى كلام كل واحد منهما على حدة .

التالي السابق


الخدمات العلمية