صفحة جزء
ومن سورة الكهف

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الله تعالى : إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا فيه بيان أن ما جعله زينة لها من النبات والحيوان وغير ذلك سيجعله صعيدا جرزا ، والصعيد : الأرض ، والصعيد : التراب . وما ذكره الله تعالى من إحالته ما عليها مما هو زينة لها صعيدا هو مشاهد معلوم من طبع الأرض ؛ إذ كل ما يحصل فيها من نبات أو حيوان أو حديد أو رصاص أو نحوه من الجواهر يستحيل ترابا ، فإذا كان الله جل وعلا قد أخبر أن ما عليها يصيره صعيدا جرزا وأباح مع ذلك التيمم بالصعيد وجب بعموم ذلك جواز التيمم بالصعيد الذي كان نباتا أو حيوانا أو حديدا أو رصاصا أو غير ذلك لإطلاقه تعالى الأمر بالتيمم بالصعيد .

وفي ذلك دليل على صحة قول أصحابنا في النجاسات إذا استحالت أرضا أنها طاهرة ؛ لأنها في هذه الحال أرض ليست بنجاسة ، وكذلك قالوا في نجاسة أحرقت فصارت رمادا أنها طاهرة ؛ لأن الرماد في نفسه طاهر وليس بنجاسة ، ولا فرق بين رماد النجاسة وبين رماد الخشب الطاهر ؛ إذ النجاسة هي التي توجد على ضرب من الاستحالة وقد زال ذلك عنها بالإحراق وصارت إلى ضرب الاستحالة التي لا توجب التنجيس ، وكذلك الخمر إذا استحالت خلا فهو طاهر ؛ لأنه في الحال ليس [ ص: 40 ] بخمر لزوال الاستحالة الموجبة لكونها خمرا .

التالي السابق


الخدمات العلمية