صفحة جزء
آ . (49) قوله : ثم طلقتموهن : إن قيل : ما الفائدة بالإتيان بـ " ثم " ، وحكم من طلقت على الفور بعد العقد كذلك ؟ فالجواب : أنه جرى على الغالب . وقال الزمخشري : " نفي التوهم عمن عسى يتوهم تفاوت الحكم بين أن يطلقها قريبة العهد بالنكاح ، وبين أن يبعد عهدها بالنكاح وتتراخى بها المدة في حيالة الزوج ثم يطلقها " . قال الشيخ " واستعمل عسى صلة لـ " من " وهو لا يجوز " . قلت : يخرج قوله على ما خرج عليه قول الشاعر :


3706 - وإني لرام نظرة قبل التي لعلي وإن شطت نواها أزورها



وهو إضمار القول .

قوله : " تعتدونها " صفة لـ " عدة " و " تعتدونها " تفتعلونها : إما من العدد ، وإما من الاعتداد أي : تحتسبونها أو تستوفون عددها من قولك : عد الدراهم فاعتدها . أي : استوفى عددها نحو : كلته فاكتاله ، ووزنته فاتزنه . وقرأ [ ص: 132 ] ابن كثير في رواية وأهل مكة بتخفيف الدال . وفيها وجهان ، أحدهما : أنها من الاعتداد ، وإنما كرهوا تضعيفه فخففوه . قاله الرازي قال : " ولو كان من الاعتداء الذي هو الظلم لضعف ; لأن الاعتداء يتعدى بـ على " . قيل : ويجوز أن يكون من الاعتداء وحذف حرف الجر أي : تعتدون عليها أي : على العدة مجازا ثم تعتدونها كقوله :


3707 - تحن فتبدي ما بها من صبابة     وأخفي الذي لولا الأسى لقضاني



أي : لقضى علي . قال الزمخشري : " وقرئ " تعتدونها " مخففا أي : تعتدون فيها . كقوله :


3708 - ويوم شهدناه      ... ... ... ...



البيت . والمراد بالاعتداء ما في قوله : ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا يعني : أنه حذف الحرف كما حذف في قوله :


ويوم شهدناه سليمى وعامرا     قليل سوى الطعن النهال نوافله



وقيل : معنى تعتدونها أي : تعتدون عليهن فيها . وقد أنكر ابن عطية القراءة عن ابن كثير وقال : " غلط ابن أبي بزة عنه " وليس كما قال . والثاني : [ ص: 133 ] أنها من العدوان والاعتداء ، وقد تقدم شرحه ، واعتراض أبي الفضل عليه : بأنه كان ينبغي أن يتعدى بـ " على " ، وتقدم جوابه . وقرأ الحسن " تعدونها " بسكون العين وتشديد الدال ، وهو جمع بين ساكنين على غير حديهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية