صفحة جزء
آ . (53) قوله : إلا أن يؤذن : فيه أوجه ، أحدها : أنها في موضع نصب على الحال تقديره : إلا مصحوبين بالإذن . الثاني : أنها على إسقاط باء السبب تقديره : إلا بسبب الإذن لكم كقوله : فاخرج به أي بسببه . الثالث : أنه منصوب على الظرف . قال الزمخشري : " إلا أن يؤذن : في معنى الظرف تقديره : إلا وقت أن يؤذن لكم . و " غير ناظرين " حال من " لا تدخلوا " ، وقع الاستثناء على الحال والوقت معا ، كأنه قيل : لا تدخلوا بيوت النبي إلا وقت الإذن ، ولا تدخلوا إلا غير ناظرين إناه " .

ورد الشيخ الأول : بأن النحاة نصوا على أن " أن " المصدرية لا تقع [ ص: 139 ] موقع الظرف . لا يجوز : " آتيك أن يصيح الديك " وإن جاز ذلك في المصدر الصريح نحو : آتيك صياح الديك . ورد الثاني : بأنه لا يقع بعد " إلا " في الاستثناء إلا المستثنى أو المستثنى منه أو صفته . ولا يجوز في ما عدا هذا عند الجمهور . وأجاز ذلك الكسائي والأخفش . وأجازا " ما قام القوم إلا يوم الجمعة ضاحكين " .

و " إلى طعام " متعلق بـ " يؤذن " ; لأنه بمعنى : إلا أن تدعوا إلى طعام . وقرأ العامة " غير ناظرين " بالنصب على الحال كما تقدم ، فعند الزمخشري ومن تابعه : العامل فيه " يؤذن " وعند غيرهم العامل فيه مقدر تقديره : ادخلوا غير ناظرين . وقرأ ابن أبي عبلة " غير " بالجر صفة لـ طعام . واستضعفها الناس من أجل عدم بروز الضمير لجريانه على غير من هو له ، فكان من حقه أن يقال : غير ناظرين إناه أنتم . وهذا رأي البصريين . والكوفيون يجيزون ذلك إن لم يلبس كهذه الآية . وقد تقدمت هذه المسألة وفروعها وما قيل فيها . وهل ذلك مختص بالاسم أو يجري في الفعل ؟ خلاف مشهور قل من يضبطه .

وقرأ العامة " إناه " مفردا أي : نضجه . يقال : أنى الطعام إنى نحو : قلاه قلى . وقرأ الأعمش " آناءه " جمعا على أفعال فأبدلت الهمزة الثانية ألفا ، والياء همزة لتطرفها بعد ألف زائدة ، فصار في اللفظ كآناء من قوله : ومن آناء الليل وإن كان المعنى مختلفا .

[ ص: 140 ] قوله : " ولا مستأنسين " يجوز أن يكون منصوبا عطفا على " غير " أي : لا تدخلوها غير ناظرين ولا مستأنسين . وقيل : هذا معطوف على حال مقدرة أي : لا تدخلوا هاجمين ولا مستأنسين ، وأن يكون مجرورا عطفا [على ] " ناظرين " أي : غير ناظرين وغير مستأنسين .

قوله : " لحديث " يحتمل أن تكون لام العلة أي : مستأنسين لأجل أن يحدث بعضكم بعضا ، وأن تكون المقوية للعامل لأنه فرع أي : ولا مستأنسين حديث أهل البيت أو غيرهم .

قوله : " إن ذلكم " أي : إن انتظاركم واستئناسكم فأشير إليهما إشارة الواحد كقوله : عوان بين ذلك . أي : إن المذكور . وقرئ " لا يستحي " بياء واحدة ، والأخرى محذوفة . واختلف فيها : هل هي الأولى أو الثانية ؟ وتقدم ذلك في البقرة ، وأنها رواية عن ابن كثير . وهي لغة تميم . يقولون : استحى يستحي ، مثل : استقى يستقي . وأنشدت عليه هناك ما سمع فيه .

قوله : " أن تؤذوا " هي اسم كان . و " لكم " الخبر . و ولا أن تنكحوا عطف على اسم كان . و " أبدا " ظرف .

التالي السابق


الخدمات العلمية