صفحة جزء
أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون . وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون . ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون

قوله تعالى: أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا في سبب نزولها قولان .

أحدهما: أن الوليد بن عقبة بن أبي معيط قال لعلي بن أبي طالب: أنا أحد منك سنانا، وأبسط منك لسانا، وأملأ للكتيبة منك، فقال له علي: اسكت فإنما أنت فاسق، فنزلت هذه الآية، فعنى بالمؤمن عليا، وبالفاسق الوليد، [ ص: 341 ] رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، وبه قال عطاء بن يسار، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، ومقاتل .

والثاني: أنها نزلت في عمر بن الخطاب وأبي جهل، قاله شريك .

قوله تعالى: لا يستوون قال الزجاج: المعنى: لا يستوي المؤمنون والكافرون; ويجوز أن يكون لاثنين، لأن معنى الاثنين جماعة; وقد شهد الله بهذا الكلام لعلي عليه السلام بالإيمان وأنه في الجنة، لقوله: أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى . وقرأ ابن مسعود ، وطلحة بن مصرف: " جنة المأوى " على التوحيد .

قوله تعالى: نزلا وقرأ الحسن، والنخعي، والأعمش، وابن أبي عبلة : " نزلا " بتسكين الزاي . وما بعد هذا قد سبق بيانه [الحج: 22] إلى قوله: ولنذيقنهم من العذاب الأدنى وفيه ستة أقوال .

أحدها: أنه ما أصابهم يوم بدر، رواه مسروق عن ابن مسعود، وبه قال قتادة، والسدي .

والثاني: سنون أخذوا بها، رواه أبو عبيدة عن ابن مسعود، وبه قال النخعي . وقال مقاتل: أخذوا بالجوع سبع سنين .

والثالث : مصائب الدنيا، قاله أبي بن كعب ، وابن عباس في رواية ابن أبي طلحة، وأبو العالية، والحسن، وقتادة، والضحاك .

والرابع : الحدود، رواه عكرمة عن ابن عباس .

والخامس: عذاب القبر، قاله البراء .

والسادس: القتل والجوع، قاله مجاهد .

[ ص: 342 ] قوله تعالى: دون العذاب الأكبر أي: قبل العذاب الأكبر; وفيه قولان . أحدهما: أنه عذاب يوم القيامة، قاله ابن مسعود . والثاني: أنه القتل ببدر، قاله مقاتل .

قوله تعالى: لعلهم يرجعون قال أبو العالية: لعلهم يتوبون . وقال ابن مسعود : لعل من بقي منهم يتوب . وقال مقاتل: لكي يرجعوا عن الكفر إلى الإيمان .

قوله تعالى: ومن أظلم قد فسرناه في (الكهف: 57) .

قوله تعالى: إنا من المجرمين منتقمون قال زيد بن رفيع: هم أصحاب القدر . وقال مقاتل: هم كفار مكة انتقم الله منهم بالقتل ببدر، وضربت الملائكة وجوههم وأدبارهم، وعجل أرواحهم إلى النار .

التالي السابق


الخدمات العلمية