صفحة جزء
والله يقضي بالحق والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء إن الله هو السميع البصير . أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم كانوا هم أشد منهم قوة وآثارا في الأرض فأخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من الله من واق . ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فكفروا فأخذهم الله إنه قوي شديد العقاب . ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين . إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب . فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم وما كيد الكافرين إلا في ضلال .

قوله تعالى: والله يقضي بالحق أي: يحكم به فيجزي بالحسنة والسيئة والذين يدعون من دونه من الآلهة . وقرأ نافع، وابن عامر: "تدعون" بالتاء على معنى: قل لهم: لا يقضون بشيء أي: لا يحكمون بشيء ولا يجازون به; وقد نبه الله عز وجل بهذا على أنه حي، لأنه إنما يأمر ويقضي من كان حيا، وأيد ذلك بذكر السمع والبصر، لأنهما إنما يثبتان لحي، [ ص: 215 ] قاله أبو سليمان الدمشقي . وما بعد هذا قد تقدم بعضه [يوسف: 109] وبعضه ظاهر إلى قوله: كانوا هم أشد منهم قوة وقرأ ابن عامر: "أشد منكم" بالكاف، وكذلك هو في مصاحفهم، وهو على الانصراف من الغيبة إلى الخطاب، وما كان لهم من الله أي: من عذاب الله من واق بقي العذاب عنهم .

ذلك أي: ذلك العذاب الذي نزل بهم بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات . . . . إلى آخر الآية .

ثم ذكر قصة موسى وفرعون ليعتبروا . وأراد بقوله: اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه أعيدوا القتل عليهم كما كان أولا، قاله ابن عباس . وقال قتادة: كان فرعون قد كف عن قتل الولدان، فلما بعث الله موسى، أعاد عليهم القتل ليصدهم بذلك عن متابعة موسى .

قوله تعالى: وما كيد الكافرين إلا في ضلال أي: إنه يذهب باطلا ويحيق بهم ما يريده الله عز وجل .

التالي السابق


الخدمات العلمية