صفحة جزء
ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد [ ص: 173 ] قوله تعالى: ما أصاب من مصيبة في الأرض يعني: قحط المطر، وقلة النبات، ونقص الثمار ولا في أنفسكم من الأمراض، وفقد الأولاد إلا في كتاب وهو اللوح المحفوظ من قبل أن نبرأها أن نخلقها، يعني: الأنفس إن ذلك على الله يسير أي: إثبات ذلك على كثرته هين على الله عز وجل لكيلا تأسوا أي: تحزنوا على ما فاتكم من الدنيا ولا تفرحوا بما آتاكم وقرأ أبو عمرو- إلا اختيار اليزيدي - بالقصر على معنى: جاءكم من الدنيا . وقرأ الباقون بالمد على معنى: أعطاكم الله منها . وأعلم أنه من علم أن ما قضي لا بد أن يصيبه قل حزنه وفرحه . وقد روى قتيبة بن سعيد قال: دخلت بعض أحياء العرب، فإذا بفضاء من الأرض فيه من الإبل ما لا يحصى عدده كلها قد مات، فسألت عجوزا: لمن كانت هذه الإبل؟ فأشارت إلى شيخ على تل يغزل الصوف، فقلت له: يا شيخ ألك كانت هذه الإبل؟ قال: كانت باسمي، قلت: فما أصابها؟ قال: ارتجعها الذي أعطاها، قلت: فهل قلت في ذلك شيئا؟ قال: نعم، قلت:


لا والذي أنا عبد في عبادته والمرء في الدهر نصب الرزء والحزن

    ما سرني أن إبلي في مباركها
وما جرى في قضا رب الورى يكن



وما بعد هذا قد ذكرناه في سورة [النساء: 37] والذي قيل في البخل هناك هو الذي قيل ها هنا إلى قوله: ومن يتول أي: عن الإيمان فإن الله هو الغني عن عباده "الحميد" إلى أوليائه . وقد سبق معنى الاسمين في [البقرة 267] [ ص: 174 ] وقرأ نافع وابن عامر "فإن الله الغني الحميد" ليس فيها "هو" وكذلك هو في مصاحف أهل المدينة، والشام .

التالي السابق


الخدمات العلمية