صفحة جزء
قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى .

قوله تعالى: قد أفلح قال الزجاج: أي: صادف البقاء الدائم، والفوز من تزكى فيه خمسة أقوال .

أحدها: من تطهر [من] الشرك بالإيمان، قاله ابن عباس .

والثاني: من أعطى صدقة الفطر، قاله أبو سعيد الخدري، وعطاء، وقتادة .

والثالث: من كان عمله زاكيا، قاله الحسن، والربيع .

والرابع: أنها زكوات الأموال كلها: قاله أبو الأحوص .

والخامس: تكثر بتقوى الله . ومعنى الزاكي: النامي الكثير، قاله الزجاج .

قوله تعالى: وذكر اسم ربه قد سبق بيانه [الأحزاب : 31] .

وفي قوله تعالى: فصلى ثلاثة أقوال .

أحدها: أنها الصلوات الخمس، قاله ابن عباس، ومقاتل .

[ ص: 92 ] والثاني: صلاة العيدين، قاله أبو سعيد الخدري .

والثالث: صلاة التطوع، قاله أبو الأحوص . والقول قول ابن عباس في الآيتين، فإن هذه السورة مكية بلا خلاف، ولم يكن بمكة زكاة، ولا عيد .

قوله تعالى: بل تؤثرون الحياة الدنيا قرأ أبو عمرو، وابن قتيبة، وزيد عن يعقوب: " بل يؤثرون " بالياء، والباقون بالتاء، واختار الفراء والزجاج التاء، لأنها رويت عن أبي بن كعب: " بل أنتم تؤثرون " . فإن أريد بذلك الكفار، فالمعنى: أنهم يؤثرون الدنيا على الآخرة، لأنهم لا يؤمنون بها، وإن أريد به المسلمون، فالمعنى: يؤثرون الاستكثار من الدنيا على الاستحسان من الثواب . قال ابن مسعود: إن الدنيا عجلت لنا، وإن الآخرة نعتت لنا، وزويت عنا، فأخذنا بالعاجل [وتركنا الآجل] .

قوله تعالى: ( والآخرة خير لك ) يعني: الجنة أفضل وأبقى أي: أدوم من الدنيا .

إن هذا لفي الصحف الأولى في المشار إليه أربعة أقوال .

[ ص: 93 ] أحدها: أنه قوله تعالى: والآخرة خير وأبقى قاله قتادة .

والثاني: هذه السورة، قاله عكرمة، والسدي .

والثالث: أنه لم يرد [أن معنى] السورة [في الصحف الأولى]، ولا الألفاظ بعينها، وإنما أراد أن الفلاح لمن تزكى وذكر اسم ربه فصلى، في الصحف الأولى، كما هو في القرآن، قاله ابن قتيبة .

والرابع: أنه من قوله تعالى: قد أفلح من تزكى إلى قوله: وأبقى قاله ابن جرير .

ثم بين الصحف الأولى ما هي، فقال: صحف إبراهيم وموسى وقد فسرناها في [النجم: 36] .

التالي السابق


الخدمات العلمية