صفحة جزء
[ ص: 215 ] قال ( ويجوز وقف العقار ) لأن جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم وقفوه


( قوله ويجوز وقف العقار ) وهو الأرض مبنية كانت أو غير مبنية ويدخل البناء في وقف الأرض تبعا فيكون وقفا معها . وفي دخول الشجر في وقف الأرض روايتان ذكرهما في الخلاصة . وفي فتاوى قاضي خان : تدخل الأشجار والبناء في وقف الأرض كما تدخل في البيع ، ويدخل الشرب والطريق استحسانا ; لأن الأرض لا توقف إلا للاستغلال ، وذلك لا يكون إلا بالماء والطريق فيدخلان كما في الإجارة ، ولا تدخل الثمرة القائمة وقت الوقف سواء كانت مما تؤكل أو لا كالورد والرياحين ; ولو قال وقفتها بحقوقها وجميع ما فيها ومنها قال هلال : لا تدخل في الوقف أيضا ، ولكن في الاستحسان يلزم التصدق بها على وجه النذر ; لأنه لما قال صدقة موقوفة بجميع ما فيها ومنها فقد تكلم بما يوجب التصدق ، ولا تدخل الزروع كلها إلا ما كان له أصل لا يقطع في سنة . والحاصل أن كل شجر يقطع في سنة فهو للواقف ، وما لا يقطع في سنة فهو داخل في الوقف ; فيدخل في وقف الأرض أصول الباذنجان وقصب السكر ، ويدخل في وقف الحمام القدر وملقى سرقينه ورماده ، ولا يدخل مسيل ماء في أرض مملوكة أو طريق .

وقوله ( لأن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين وقفوه ) قدمنا ذكر جماعة من الرجال الصحابة ونسائهم وقفوا ، وأسانيدها مذكورة في وقف الخصاف . ومنها ما تقدم من وقف عمر رضي الله عنه أرضه ثمغ . وأخرج إبراهيم الحربي في كتابه غريب الحديث : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا حفص بن غياث عن هشام بن عروة عن أبيه : أن الزبير بن العوام رضي الله عنه وقف دارا له على المردودة من بناته . قال : والمردودة هي المطلقة والفاقدة التي مات زوجها . وفي البخاري : { وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضا وجعلها لابن السبيل صدقة } . وأخرج الحاكم بسند فيه الواقدي وهو حسن عندنا وسكت هو عليه عن عثمان بن الأرقم المخزومي أنه كان يقول : أنا ابن سبع الإسلام أسلم أبي سابع سبعة . وكانت داره على الصفا وهي التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يكون فيها في الإسلام ، وفيها دعا الناس إلى الإسلام فأسلم فيها خلق كثير منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه فسميت دار الإسلام ، وتصدق بها الأرقم على ولده . وذكر أن نسخة صدقته : بسم الله الرحمن الرحيم الرحيم هذا ما قضى الأرقم ، إلى أن قال : لا تباع ولا تورث . وفي الخلافيات للبيهقي : قال أبو بكر عبد الله بن الزبير الحميدي : وتصدق أبو بكر رضي الله عنه بداره بمكة على ولده فهي إلى اليوم ، وتصدق عمر بربعه ، وتصدق سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه بداره بالمدينة وبداره بمصر على ولده فذلك إلى اليوم ، وعثمان رضي الله عنه برومة فهي إلى اليوم ، وعمرو بن العاص بالوهط من الطائف وداره بمكة والمدينة على ولده فذلك إلى اليوم .

قال : وما لا يحضرني كثير ، وهذا كله مما يستدل به على أبي حنيفة في عدم إجازته الوقف . [ فرع ]

إذا كانت الدار مشهورة معروفة صح وقفها وإن لم تحدد استغناء لشهرتها عن تحديدها . [ فرع آخر ]

وقف عقارا على مسجد أو مدرسة هيأ مكانا لبنائها قبل أن يبنيها اختلف المتأخرون والصحيح [ ص: 216 ] الجواز وتصرف غلتها إلى الفقراء إلى أن تبنى ، فإذا بنيت ردت إليها الغلة أخذا من الوقف على أولاد فلان ولا أولاد له حكموا بصحته ، وتصرف غلته للفقراء إلى أن يولد لفلان

التالي السابق


الخدمات العلمية