صفحة جزء
[ ص: 256 ] قال ( وإذا ادعى أحدهما الشراء وادعت امرأته أنه تزوجها عليه فهما سواء ) لاستوائهما في القوة فإن كل واحد منهما عقد معاوضة يثبت الملك بنفسه وهذا عند أبي يوسف . وقال محمد : الشراء أولى ولها على الزوج القيمة لأنه أمكن العمل بالبينتين بتقديم الشراء ، إذ التزوج على عين مملوكة للغير صحيح وتجب قيمته عند تعذر تسليمه


( قال ) أي القدوري في مختصره ( وإذا ادعى أحدهما الشراء ) أي شراء شيء كعبد مثلا من رجل ( وادعت امرأته أنه ) أي ذلك الرجل ( تزوجها عليه ) أي تزوج المرأة المدعية على ذلك المدعي ( فهما سواء ) أي يقضي بذلك المدعي بينهما نصفين ( لاستوائها ) أي لاستواء الشراء والنكاح ( في القوة فإن كل واحد منهما عقد معاوضة يثبت الملك بنفسه ) هذا إذا لم يؤرخا أو أرخا وتاريخهما على السواء ، أما إذا أرخا وتاريخ أحدهما أسبق فالأسبق أولى ، كذا في غاية البيان نقلا عن مبسوط شيخ الإسلام خواهر زاده . وعن هذا قال صاحب العناية في تقرير مسألة الكتاب : إذا ادعى أحدهما الشراء وادعت امرأته أنه تزوجها عليه وأقاما البينة ولم يؤرخا أو أرخا وتاريخهما على السواء يقضي بالعبد بينهما وانتهى .

وفي التبيين للإمام الزيلعي : ثم للمرأة نصف العين ونصف قيمة العين على الزوج لاستحقاق الآخر نصف المسمى وللمشتري نصف العين ويرجع بنصف الثمن إن شاء ، وإن شاء فسخ العقد لتفرق الصفقة عليه انتهى ( وهذا ) أي الحكم المذكور وهو التسوية بينهما ( عند أبي يوسف . وقال محمد : الشراء أولى ولها على الزوج القيمة ) أي وللمرأة على الزوج تمام قيمة العين المدعاة ( لأنه أمكن العمل بالبينتين بتقديم الشراء ) يعني أن العمل بالبينات مهما أمكن واجب لكونها حجة من حجج الشرع ، فإن قدمنا النكاح بطل العمل بها لأن الشراء بعده يبطل إذا لم تجزه المرأة ، وإن قدمنا الشراء صح العمل بها ( إذ التزوج على عين مملوكة للغير صحيح ويجب قيمته عند تعذر تسليمه ) بأن لا يجيزه صاحبه فتعين تقديم الشراء . أقول : هاهنا إشكال ظاهر ، وهو أن العمل بالبينتين بتقديم الشراء إنما يتصور فيما إذا لم يؤرخا . وأما إذا أرخا وتاريخهما على السواء فلا كما لا يخفى . والمسألة تعم الصورتين كما مر آنفا فكيف يتم خلاف محمد . ودليله المذكور في الصورة الثانية ولم يرو عن أحد تخصيص الخلاف بالصورة الأولى ، وقد تمحل بعضهم في دفعه فقال : ويمكن أن يقال معنى الشهادة على التاريخين المتحدين أن يقول الشهود مثلا : كان العقد في أول الظهر من [ ص: 257 ] اليوم الفلاني ، وظاهر أنه يسع فيه العقود المتعددة على التقدم والتأخر إذ لم نر شاهدين يشهدان على وقت مضيق لا يسع فيه عقدان انتهى . فتأمل .

قال صاحب العناية : وذكر في الأسرار جواب أبي يوسف عما قاله محمد أن المقصود من ذكر السبب ملك العين ، والنكاح إذا تأخر لم يوجب ملك المسمى كما إذا تأخر الشراء فهما سواء في حق تملك العين انتهى . وقال بعض الفضلاء : فيه بحث ، إذ لا يندفع بهذا ما ذكره محمد ، فإنه إذا تأخر النكاح ثبت ملك العين في المسمى لمدعي الشراء صورة ومعنى ولمدعيه المهر معنى فوجد العمل بالبينتين بقدر الإمكان ، بخلاف ما إذا سويناهما انتهى .

أقول : هذا البحث ساقط لأنه لا يثبت ملك العين لمدعية المهر عند تأخر النكاح لا صورة ولا معنى ، إذ لم نسمع جعل ملك القيمة ملك العين لا بحسب اللغة ولا بحسب العرف . ولئن سلم ذلك فلأبي يوسف أن يقول : المقصود من ذكر السبب ملك العين صورة ، إذ لولاه لاكتفى في الدعوى بذكر مبلغ القيمة فهما سواء في حق ذلك

التالي السابق


الخدمات العلمية