صفحة جزء
قال : ( فإن وهب لآخر أرضا بيضاء فأنبت في ناحية منها نخلا أو بنى بيتا أو دكانا أو آريا وكان ذلك زيادة فيها فليس له أن يرجع في شيء منها ) ; لأن هذه زيادة متصلة . وقوله وكان ذلك زيادة فيها ; لأن الدكان قد يكون صغيرا حقيرا لا يعد زيادة أصلا ، وقد تكون [ ص: 44 ] الأرض عظيمة يعد ذلك زيادة في قطعة منها فلا يمتنع الرجوع في غيرها . قال : ( فإن باع نصفها غير مقسوم رجع في الباقي ) ; لأن الامتناع بقدر المانع ( وإن لم يبع شيئا منها له أن يرجع في نصفها ) ; لأن له أن يرجع في كلها فكذا في نصفها بالطريق الأولى . قال ( وإن وهب هبة لذي رحم محرم منه فلا رجوع فيها ) لقوله عليه الصلاة والسلام { إذا كانت الهبة لذي رحم محرم منه لم يرجع فيها } ; ولأن المقصود فيها صلة الرحم وقد حصل ( وكذلك ما وهب أحد الزوجين للآخر ) ; لأن المقصود فيها الصلة كما في القرابة ، وإنما ينظر إلى هذا المقصود وقت العقد ، حتى لو تزوجها بعدما وهب لها فله الرجوع ، ولو أبانها بعدما وهب فلا رجوع .


( قوله : فإن وهب لآخر أرضا بيضاء فأنبت في ناحية منها نخلا ) قال صاحب العناية : هذا نوع من الزيادة المتصلة فكان حقها التقديم ا هـ . أقول : وجه التأخير أن المصنف كره أن يفصل بين الألفاظ المذكورة بطريق الاستثناء في مسألة مختصر القدوري يذكر مسألة مستقلة من مسائل الجامع الصغير وهي هذه المسألة ، فإن المستثنى مع المستثنى منه ككلام واحد فلا ينبغي أن يذكر بينهما كلام آخر مستقل بنفسه . وقال بعض الفضلاء في الاعتذار عنه : إلا أن المصنف قصد سرد أصول الموانع ثم التفريع على الترتيب وتأخير التعويض ; لما فيه من كثرة التفصيل . ا هـ .

أقول : ليس هذا بشيء ; لأن المصنف لو قصد سرد أصول الموانع ثم التفريع على الترتيب لما ذكر القرابة المحرمية والزوجية من أصول الموانع بين التفريعات بقوله وإن وهب هبة لذي رحم محرم منه [ ص: 44 ] فلا رجوع فيها ، وبقوله وكذلك ما وهب أحد الزوجين للآخر ، تبصر تقف . ( قوله : فإن باع نصفها غير مقسوم رجع في الباقي ) أقول : قيد النصف في الكتاب بكونه غير مقسوم ، والظاهر عدم التقييد بذلك كما وقع في عامة المعتبرات ، إذ الحكم فيما إذا باع نصفها مقسوما كذلك قطعا وتخصيص الشيء بالذكر في الروايات يدل على نفي الحكم عما عداه كما صرحوا به ، وكأن وجه التقييد في الكتاب إرادة إثبات الحكم في المقسوم بالطريق الأولى ، فإنه لما صح الرجوع في الباقي فيما إذا باع نصفها غير مقسوم كان صحة الرجوع في الباقي فيما إذا باع نصفها مقسوما أولى كما لا يخفى ، وسيأتي التعرض من الشراح لنظير هذا في

التالي السابق


الخدمات العلمية