معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله - عز وجل -: واذكروا الله في أيام معدودات ؛ قالوا: هي أيام التشريق؛ " معدودات " ؛ يستعمل كثيرا في اللغة للشيء القليل؛ وكل عدد - قل أو كثر - فهو معدود؛ ولكن " معدودات " ؛ أدل على القلة؛ لأن كل قليل يجمع بالألف والتاء؛ نحو: " دريهمات " ؛ و " جماعات " ؛ وقد يجوز - وهو حسن كثير - أن تقع الألف والتاء للكثير؛ وقد ذكر أنه عيب على القائل:


لنا الجفنات الغر يلمعن بالضحى ... وأسيافنا يقطرن من نجدة دما



فقيل له: لم قللت الجفنات؛ ولم تقل: " الجفان " ؟ وهذا الخبر؛ عندي؛ مصنوع؛ لأن الألف والتاء قد تأتي للكثرة؛ قال الله - عز وجل -: [ ص: 276 ] إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات ؛ وقال: " في جنات " ؛ وقال: في الغرفات آمنون ؛ فالمسلمون ليسوا في جنات قليلة؛ ولكن إذا خص القليل في الجمع بالألف والتاء؛ فالألف والتاء أدل عليه؛ لأنه يلي التثنية؛ تقول: " حمام " ؛ و " حمامان " ؛ و " حمامات " ؛ فتؤدى بتاء الواحد؛ فهذا أدل على القليل؛ وجائز حسن أن يراد به الكثير؛ ويدل المعنى المشاهد على الإرادة؛ كما أن قولك: " جمع " ؛ يدل على القليل؛ والكثير. وقوله - عز وجل -: فمن تعجل في يومين ؛ أي: من نفر في يومين؛ فلا إثم عليه لمن اتقى ؛ قيل: لمن اتقى قتل الصيد؛ وقالوا: لمن اتقى التفريط في كل حدود الحج؛ فموسع عليه في التعجل في نفره.

التالي السابق


الخدمات العلمية