معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله - عز وجل -: والحب ذو العصف والريحان ؛ ويقرأ: "والريحان"؛ وأكثر القراءة والريحان ؛ والعصف: ورق الزرع؛ ويقال: التبن هو العصف؛ ويقال: العصفة؛ قال الشاعر:


تسقي مذانب قد مالت عصيفتها ... آتيها من أتي الماء مطموم



ويروى: "بأتي الماء"؛ ومعنى ذو العصف والريحان ذو الورق والرزق؛ العرب تقول: "سبحان الله وريحانه"؛ قال أهل اللغة: معناه: "واسترزاقه"؛ قال النمر بن تولب:


سلام الإله وريحانه ...     ورحمته وسماء درر



قال: معنى "ريحانه": رزقه؛ ومن قرأ: "والريحان"؛ عطف على "العصف"؛ ومن [ ص: 98 ] قرأ: والريحان ؛ عطف على الحب ؛ ويكون المعنى: "فيهما فاكهة؛ فيهما الحب ذو العصف؛ وفيهما الريحان؛ فيكون "الريحان"؛ ههنا؛ الريحان الذي يشم؛ ويكون أيضا ههنا الرزق؛ فذكر الله - عز وجل - في هذه السورة ما يدل على وحدانيته من خلق الإنسان؛ وتعليم البيان؛ ومن خلق الشمس والقمر والسماء والأرض؛ ثم خاطب الإنس والجن؛ فقال: " فبأي آلاء ربكما تكذبان " ؛ أي: فبأي نعم ربكما تكذبان من هذه الأشياء المذكورة؛ لأنها كلها منعم بها عليكم في دلالتها إياكم على وحدانيته؛ وفي رزقه إياكم ما به قوامكم والوصلة إلى حياتكم؛ و"الآلاء" واحدها: "ألى"؛ و"إلى"؛ وكل ما في السورة من قوله: " فبأي آلاء ربكما تكذبان " ؛ فمعناه على ما فسرناه: فبأي نعم ربكما تكذبان؟!

التالي السابق


الخدمات العلمية