معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله - عز وجل -: وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا ؛ " الرغد " : الواسع؛ الذي لا يعني؛ وقوله: وادخلوا الباب سجدا ؛ أمروا بأن يدخلوا ساجدين؛ وقولوا حطة ؛ معناه: " وقولوا: مسألتنا حطة " ؛ أي: حط ذنوبنا عنا؛ وكذلك القراءة؛ ولو قرئ: " حطة " ؛ كان وجهها في العربية كأنهم قيل لهم: " قولوا احطط عنا ذنوبنا حطة " ؛ فحرفوا هذا القول؛ وقالوا لفظة غير هذه اللفظة التي أمروا بها؛ وجملة ما قالوا أنه أمر عظيم؛ سماهم الله به " فاسقين " .

وقوله: نغفر لكم ؛ جزم؛ جواب الأمر؛ المعنى: " إن تقولوا ما أمرتم به نغفر لكم خطاياكم " ؛ وقرأ بعضهم: " نغفر لكم خطيئاتكم " ؛ والقراءة الأولى أكثر؛ فمن قال: " خطيئاتكم " ؛ فهو جمع " خطيئة " ؛ بالألف والتاء؛ نحو: " سفينة " ؛ و " سفينات " ؛ و " صحيفة " ؛ و " صحيفات " ؛ والقراءة - كما وصفنا -: " نغفر لكم خطاياكم " ؛ والأصل في " خطايا " : " خطائئ " ؛ فتجمع همزتان؛ تقلب الثانية ياء؛ فتصير " خطائي " ؛ فأعل؛ مثل: " حظاعي " ؛ ثم يجب أن تقلب الياء والكسرة إلى الفتحة والألف؛ فتصير " خطاءا " ؛ مثل: " حظاعا " ؛ فيجب أن تبدل الهمزة ياء؛ لوقوعها بين ألفين؛ لأن الهمزة مجانسة للألفات؛ فاجتمعت ثلاثة أحرف من جنس واحد؛ وهذا الذي ذكرناه مذهب سيبويه ؛ ولسيبويه مذهب آخر؛ أصله للخليل ؛ وهو أنه زعم أن [ ص: 140 ] " خطايا " ؛ أصلها: " فعائل " ؛ فقلبت إلى " فعالى " ؛ فكان الأصل عنده " خطائى " ؛ مثل: " خطائع " ؛ فاعلم؛ ثم قدمت الهمزة فصارت " خطائي " ؛ مثل: " خطاعي " ؛ ثم قلبت بعد ذلك على المذهب الأول؛ وهذا المذهب ينقص في الإعلال مرتبة واحدة؛ واللفظ يؤول في اللفظين " خطايا " .

التالي السابق


الخدمات العلمية