معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله - عز وجل -: ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها ؛ [ ص: 151 ] موضع " ما " : رفع بالابتداء؛ لأن تأويله الاستفهام؛ كقولك: " ادع لنا ربك يبين لنا أي شيء لونها " ؛ ومثله: فلينظر أيها أزكى طعاما ؛ ولا يجوز في القراءة: " ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها " ؛ على أن يجعل " ما " ؛ لغوا؛ ولا يقرأ القرآن إلا كما قرأت القراء المجمع عليهم في الأخذ عنهم.

قال إنه يقول إنها ما بعد القول من باب " إن " ؛ مكسور أبدا؛ كأنك تذكر القول في صدر كلامك؛ وإنما وقعت " قلت " ؛ في كلام العرب أن يحكى بها ما كان كلاما يقوم بنفسه؛ قبل دخولها؛ فيؤدي مع ذكرها ذلك اللفظ؛ تقول: " قلت: زيد منطلق " ؛ كأنك قلت: " زيد منطلق " ؛ وكذلك " إن زيدا منطلق " ؛ لا اختلاف بين النحويين في ذلك؛ إلا أن قوما من العرب؛ وهم بنو سليم؛ يجعلون باب " قلت " ؛ أجمع؛ كباب " ظننت " ؛ فيقولون: " قلت زيدا منطلقا " ؛ فهذه لغة لا يجوز أن يوجد شيء منها في كتاب الله - عز وجل -؛ ولا يجوز: " قال أنه يقول إنها " ؛ لا يجوز إلا الكسر.

وأما قوله - عز وجل -: صفراء فاقع لونها ؛ " فاقع " ؛ نعت للأصفر الشديد الصفرة؛ يقال: " أصفر فاقع " ؛ و " أبيض ناصع " ؛ و " أحمر قان " ؛ قال الشاعر:


يسقي بها ذو تومتين كأنما ... قنأت أنامله من الفرصاد



[ ص: 152 ] أي: احمرت حمرة شديدة؛ ويقال: " أحمر قاتم " ؛ و " أبيض يقق " ؛ و " لهق " ؛ و " لهاق " ؛ و " أسود حالك " ; و " حلوك " ؛ و " حلوكي " ؛ و " دجوجي " ؛ فهذه كلها صفات مبالغة في الألوان؛ وقد قالوا: إن " صفراء " ؛ ههنا سوداء؛ ومعنى تسر الناظرين ؛ أي: تعجب الناظرين.

التالي السابق


الخدمات العلمية