معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله : قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ؛ فـ " ما " ؛ في موضع نصب؛ إن شئت بـ " أتل " ؛ والمعنى : " تعالوا أتل الذي حرم ربكم عليكم " ؛ وجائز أن تكون " ما " ؛ منصوبة بـ " حرم " ؛ لأن التلاوة بمنزلة القول؛ كأنه قال : " أقول : أي شيء حرم ربكم عليكم؟ أهذا؛ أم هذا؟ " ؛ فجائز أن يكون الذي تلاه عليهم قوله : إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا ؛ ويكون " ألا تشركوا " ؛ منصوبة بمعنى طرح اللام؛ أي : أبين لكم الحرام لئلا تشركوا به شيئا؛ لأنهم [ ص: 304 ] إذا حرموا ما أحل الله فقد جعلوا غير الله - في القبول منه - بمنزلة الله - جل وعز -؛ فصاروا بذلك مشركين؛ ويجوز أن يكون " ألا تشركوا " ؛ محمولا على المعنى؛ فيكون " أتل عليكم ألا تشركوا به شيئا " ؛ فالمعنى : " أتل عليكم تحريم الشرك به " ؛ وجائز أن يكون على معنى " أوصيكم ألا تشركوا به شيئا " ؛ لأن قوله : وبالوالدين إحسانا ؛ محمول على معنى " أوصيكم بالوالدين إحسانا " ؛ وقوله : ولا تقتلوا أولادكم من إملاق ؛ أي : لا تقتلوا أولادكم من فقر؛ أي : من خوف فقر؛ ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ؛ بدل من " الفواحش " ؛ في موضع نصب؛ المعنى : " لا تقربوا ما ظهر من الفواحش وما بطن " ؛ جاء في التفسير أن ما بطن منها : الزنا؛ وما ظهر : اتخاذ الأخدان؛ والأصدقاء؛ على جهة الريبة؛ وظاهر الكلام أن الذي جرى من الشرك بالله - عز وجل -؛ وقتل الأولاد؛ وجميع ما حرموه مما أحل الله - عز وجل -؛ فواحش؛ فقال : " ولا تقربوا هذه الفواحش مظهرين؛ ولا مبطنين " ؛ والله أعلم؛ وقوله : ذلكم وصاكم به ؛ يدل على معنى ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا

التالي السابق


الخدمات العلمية