معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
[ ص: 188 ] وقوله - عز وجل -: يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا ؛ وقرأ الحسن: " لا تقولوا راعنا " ؛ بالتنوين؛ والذي عليه الناس: " راعنا " ؛ غير منون؛ وقد قيل في " راعنا " ؛ بغير تنوين ثلاثة أقوال: قال بعضهم: " راعنا " : " أرعنا سمعك " ؛ وقيل: كان المسلمون يقولون للنبي - صلى الله عليه وسلم -: " راعنا " ؛ وكانت اليهود تتساب بينها بهذه الكلمة؛ وكانوا يسبون النبي - صلى الله عليه وسلم - في نفوسهم؛ فلما سمعوا هذه الكلمة اغتنموا أن يظهروا سبه بلفظ يسمع؛ ولا يلحقهم به في ظاهره شيء؛ فأظهر الله النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين على ذلك؛ ونهى عن هذه الكلمة؛ وقال قوم: " لا تقولوا راعنا " ؛ من المراعاة؛ والمكافأة؛ فأمروا أن يخاطبوا النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتقدير؛ والتوقير؛ فقيل لهم: " لا تقولوا راعنا " ؛ أي: كافنا في المقال؛ كما يقول بعضهم لبعض؛ " وقولوا أنظرنا " ؛ أي: أمهلنا؛ واسمعوا؛ كأنه قيل لهم: استمعوا؛ وقال قوم إن " راعنا " ؛ كلمة تجري على الهزء والسخرية؛ فنهي المسلمون أن يلتفظوا بها بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وأما قراءة الحسن: " راعنا " ؛ فالمعنى فيه: لا تقولوا حمقا؛ من " الرعونة " .

التالي السابق


الخدمات العلمية