صفحة جزء
[ ص: 3 ] ( باب ) :

جاز الخلع ، وهو : الطلاق بعوض ، [ ص: 4 ] وبلا حاكم ، وبعوض من غيرها ; إن تأهل ; لا من : صغيرة ، وسفيهة ، وذي رق ، [ ص: 5 ] ورد المال وبانت .


[ ص: 3 ] فصل ) في الخلع :

( جاز الخلع ) بضم الخاء المعجمة وسكون اللام بلا كراهة على المشهور ، وكرهه ابن القصار . واقتصر عليه في المقدمات وجعله بدعة ( وهو ) أي الخلع أي حقيقته شرعا ( الطلاق ) جنس شمل الخلع وغيره من أقسام الطلاق ( بعوض ) للزوج من الزوجة ، أو غيرها ، فصل مخرج الطلاق بلا عوض ، وهذا هو الأصل ، وللخلع نوع آخر وهو الطلاق بلفظ الخلع بلا عوض ، فقيل تعريف المصنف لم يشمله لإرادته تعريف الأصل المشهور . وقال ابن عاشر : بل شمله ; لأن من لوازم كونه خلعا جريان أحكام الخلع عليه ، ومنها سقوط نفقتها أيام عدتها ، وهذا عوض محقق ، وإن لم يدخلا عليه ، فهذا طلاق بعوض أيضا .

والخلع لغة الإزالة ، يقال خلع ثوبه إذا نزعه وأزاله ، ولما كانت الزوجة كلباس للزوج في الستر والتوقية مما يضر ، سمي فراقها خلعا ، قال تعالى { هن لباس لكم } . والطلاق لغة الإرسال والترك ، وشرعا حل عقد النكاح وهو معنى جاهلي ورد الشرع بتقريره قاله إمام الحرمين ، وعرفه ابن عرفة بأنه صفة حكمية ترفع حلية متعة الزوج بزوجته موجب تكررها مرتين للحر ، ومرة لذي رق حرمتها عليه قبل زوج ، وعرف بعض تلامذته الخلع بأنه عقد معاوضة على البضع تملك به الزوجة نفسها ويملك الزوج العوض به ، والرضاع بأنه صفة حكمية ترفع حلية متعة الزوج بعوض . [ ص: 4 ] و ) جاز الخلع ( بلا ) حكم ( حاكم ) فليس معطوفا على بعوض لإيهامه توقف كونه خلعا على عدم حكم الحاكم وليس كذلك ( و ) جاز الطلاق ( بعوض من غيرها ) أي الزوجة وظاهره كالمدونة سواء قصد مصلحة ، أو درء مفسدة ، أو مجرد إسقاط نفقتها عن زوجها أيام عدتها ، وعليه حملها البرزلي ، وبه أفتى ابن ناجي ، ثم ظهر له أن الصواب تقييد ابن عبد السلام بما إذا لم يقصد إسقاط نفقة العدة ، وتبعه ابن عرفة بلفظ ينبغي والمصنف في توضيحه .

ابن عرفة فيها من قال لرجل : طلق امرأتك ولك ألف درهم ففعل لزم ذلك الرجل ابن ناجي حملها شيخنا البرزلي على ظاهرها ، وأفتيت به والصواب خلافه . وفي التوضيح ابن عبد السلام ينبغي أن يقيد كلام أهل المذهب في الأجنبي بكونه لمصلحة ، أو درء مفسدة ، ولم يقصد به إضرار المرأة ، وأما ما يجعله بعضهم لقصد مجرد إسقاط نفقة العدة فلا ينبغي أن يختلف في منعه ، وفي انتفاع المطلق به بعد الوقوع نظر ابن عرفة : باذل الخلع من صح معروفه ، والمذهب صحته من غير الزوجة مستقلا . قلت ما لم يظهر قصد ضررها بإسقاط نفقة العدة فينبغي رده كشراء دين للعدو ا هـ .

وذكر شرط ملتزم العوض زوجة كان أو غيرها فقال ( إن تأهل ) بفتحات مثقلا أي كان أهلا لالتزامه بأن كان غير محجور عليه ابن عرفة باذل العوض من يصح معروفه ; لأن عوضه غير مال . ا هـ . وذكر مفهوم إن تأهل فقال ( لا ) يجوز ولا يصح العوض ( من ) زوجة ( صغيرة و ) زوجة ( سفيهة ) أي بالغة لا تحسن التصرف في المال مهملة ، أو ذات أب أو وصي ، أو مقدم قاض بغير إذنه ، فإن أذن لها وليها صح وجاز ( و ) لا من شخص ( ذي رق ) أي رقيق ولو بشائبة حرية بغير إذن سيده ، وله رده إن كان ينتزع ماله فيمضي من معتق لأجل قرب أجله ، ويوقف من مدبرة وأم ولد في مرضه ، فإن مات مضى من أم الولد والمدبرة إن حملها الثلث ، وإن صح فله رده ويرد خلع المكاتبة بكثير [ ص: 5 ] ولو بإذنه لتأديته لعجزها وبيسير بإذنه مضى ، وبغير إذنه يوقف ، فإن أدت مضى . وإن عجزت فله رده على الراجح ابن شاس ولا يضمنه سيد بإذنه فيه كالصداق ( ورد ) الزوج ( المال ) الذي خالعته به صغيرة ، أو سفيهة ، أو رقيق بلا إذن من وليها وسيده .

( وبانت ) الزوجة منه ولا يتبع الأمة بشيء بعد عتقها فإن ارتجعها لظنه رجعيا ، أو تقليده من رآه رجعيا فرق بينهما ولو بعد الوطء وهو وطء شبهة إن لم يحكم بصحتها حاكم يراها ، وإلا فلا لرفعه الخلاف ، وظاهر قوله : وبانت . ولو قال : بعد الطلاق إن لم يتم لي ما خالعت به فلا يلزمني طلاق فلا ينفعه ; لأنه تعقيب برافع . وأما إن علق الطلاق على تمام ما خالعت به له ، بإن تم لي هذا المال ، أو إن صحت براءتك فأنت طالق ، فإن أمضى الولي فعلها لزمه الطلاق ، وإن رده فلا يلزمه ; إذ لم يقل أحد بوقوع المعلق بدون وقوع المعلق عليه . فإن قال لرشيدة إن صحت براءتك فأنت طالق فأبرأته لزمتها البراءة ولزمه الطلاق ، فالتعليق في مخالعتها كعدمه .

التالي السابق


الخدمات العلمية