صفحة جزء
[ ص: 334 - 335 ] فصل )

لكل ، فسخ المزارعة [ ص: 336 ] إن لم يبذر


[ ص: 335 ] ( فصل ) في بيان أحكام الشركة في الزرع

( لكل ) من الشريكين في الزرع ( فسخ ) عقد ( المزارعة ) بضم الميم وفتح الراء ابن عرفة المزارعة شركة في الحرث ، وبالثاني عبر اللخمي وغيره ، وعبر بالأول كثير ، سمع عيسى ابن القاسم وقد سئل عن رجلين اشتركا على مزارعة وروى البزار عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { لا يقولن أحدكم زرعت وليقل حرثت } وروى مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يغرس مسلم غرسا ولا يزرع مسلم زرعا فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا شيء إلا كانت له صدقة } . البرزلي في حديث آخر { لا يقولن أحدكم زرعت وليقل حرثت فإن الزارع هو الله تعالى } .

أبو هريرة لقوله { أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون } القرطبي في تفسيره قوله تعالى { كمثل حبة } الآية دليل على أن اتخاذ الحرث من أعلى الحرف المتخذة للمكاسب ، ويشتغل بها العمال ، ولهذا ضرب الله تعالى المثل بها قال وفي الترمذي عن عائشة رضي الله تعالى عنها عنه صلى الله عليه وسلم قال { التمسوا الرزق في خبايا الأرض } يعني الزرع وفي حديث مدح النخل { هن الراسخات في الوحل والمطعمات في المحل } .

قال والمزارعة من فروض الكفاية ، فيجب على الإمام أن يجبر الناس عليها وما في معناها من غرس الشجر وعن عبد الله بن عبد الملك أنه لقي ابن شهاب فقال دلني على مال أعالجه فأنشأ يقول :

أقول لعبد الله يوم لقيته وقد شد أحلاس المطي مشرقا     اتبع خبايا الأرض وادع مليكها
لعلك يوما أن تجاب فترزقا

[ ص: 336 ] القرطبي يستحب لمن يرمي البذر أن يقول عقب الاستعاذة { أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون } بل الله تعالى هو الزارع المنبت المبلغ ، اللهم صل على سيدنا محمد وارزقنا خيره وجنبنا ضرره ، واجعلنا لأنعمك من الشاكرين ا هـ . قال وهذا القول أمان للزرع من جميع الآفات الدود والجراد وغيرهما ، سمعته من ثقة وجرب فوجد كذلك واختلف هل الأفضل الزراعة لكثرة التناول منها أو الغراسة لدوامها البرزلي ويستحب عند زرعه أو غرسه أن ينتفع به جميع المسلمين ليحصل له ثوابه ما دام قائما على أصوله وإن خرج عن ملكه . ولا تلزم المزارعة بمجرد عقدها فلكل فسخها ( إن لم يبذر ) بضم التحتية وسكون الوحدة وفتح الذال المعجمة أي لم يجعل البذر بالأرض ، فإن بذر لزمت ابن رشد هذا معنى قول ابن القاسم في المدونة ونص رواية أصبغ عنه في العتبية . وقال ابن الماجشون وابن كنانة وابن القاسم في كتاب ابن سحنون تلزم بمجرد العقد ، وقال ابن كنانة في المبسوط لا تلزم إلا بالعمل بذرا كان أو غيره ، وبه جرت الفتوى بقرطبة ، وإنما وقع هذا الاختلاف في المزارعة لأنها شركة وإجارة كل واحدة منهما مقتضية للأخرى بكليتها لا فضل فيها عنها ، فاختلف أيهما تغلب ، فمن غلب الشركة لم يرها لازمة بالعقد ولم يجزها إلا على التكافؤ والاعتدال ، إلا أن يتطاول أحدهما على صاحبه بما لا فضل لكرائه .

ومن غلب الإجارة ألزمها بالعقد وأجاز التفاضل بينهما ولم يراع التكافؤ غير ابن حبيب ، قال ما لم يتفاحش الأمر بما لا يتغابن بمثله في البيوع . وقال سحنون ذلك جائز وإن تفاحش الفضل في قيمة الكراء ما لم ينفرد أحدهما بشيء له بال لم يخرج صاحبه عوضا عنه فلا يجوز والقياس على القول بتغلب الإجارة وإلزام العقد أن يجوز التفاضل بكل حال قاله ابن رشد خليل ومنشأ الخلاف دورانها بين الشركة والإجارة ابن عبد السلام الأقرب عندي أنها شركة حقيقية إلا أنها مركبة من شركة الأموال والأعمال . ابن عرفة وفي لزومها بالعقد أو الشروع ثالثها بالأبذار لابن رشد عن سحنون مع ابن الماجشون [ ص: 337 ] وابن القاسم في كتاب ابن سحنون وابن كنانة في المبسوطة وبه جرت الفتيا بقرطبة . وهو على قياس رواية على لزوم الجعل بالشروع ، وقول ابن القاسم مع سماعه أصبغ ولم يحك ابن حارث عن ابن القاسم غير الأول ، وقال اتفقوا على انعقادها بالعمل أفاده الحط .

التالي السابق


الخدمات العلمية