[ ص: 207 ] ملحق 
في ذكر 
مذاهب متقدمي النقط من النحاة  [ ص: 208 ]  [ ص: 209 ] وإنا لما أتينا على جميع أبواب النقط ، على حسب ما اشترطناه ، من ذكر العلل والمعاني ، وبلغنا الغاية في البيان عن ذلك ، على ألفاظ التلاوة ، ومذاهب القراءة ، وطريق اللغة ، وقياس العربية ؛ رأينا أن من تمام كتابنا هذا ، وكماله ، وتوفر فائدته به أن نختمه بذكر مذاهب متقدمي النقط من النحاة 
 nindex.php?page=showalam&ids=14248كالخليل  واليزيدي  وغيرهما ، ومذهب من سلك طريقهم ، واقتفى آثارهم من نقاط أهل المصرين - 
البصرة  والكوفة   - ، وسائر 
العراق  ، وما جرى عليه استعمالهم ، واتفقت عليه جماعتهم . 
ونذكر ذلك بألفاظهم وعباراتهم ؛ ليقف عليه من أراد معرفته والعمل به من نقاط أهل المشرق وغيرهم ، إن شاء الله ، وبه التوفيق ، وعليه التكلان ، وهو حسبنا ، وإليه ننيب .  
[ ص: 210 ] باب 
ذكر البيان عن مذاهب متقدمي أهل العربية وتابعيهم من النقاط ، وأهل الأداء في النقط 
اعلم - أرشدك الله - أنهم اتفقوا على نقط المتحرك من الحروف بالحركات الثلاث ، ونقط المنون والمشدد والمهموز لا غير نقطا مدورا ، بالحمرة خاصة دون غيرها من سائر الألوان . 
واقتصر أكثرهم في نقط المتحرك على أواخر الكلم ، وهو موضع الإعراب ؛ إذ فيه يقع الإشكال ، ويدخل الالتباس . وفي الخبر الذي رويناه عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11822أبي الأسود  مبتدئ النقط دليل على صحة ما اقتصروا عليه من ذلك . إذ أتبع فيه ذكر الحركات بذكر التنوين الذي هو مخصوص بمتابعة حركة الإعراب . وعلى ذلك أكثر العلماء . 
قال 
ابن مجاهد   : ليس يقع الشكل على كل حرف . إنما يقع على ما إذا لم يشكل التبس . قال : ولو شكل الحرف من أوله إلى آخره - أعني الكلمة - لأظلم الكتاب ، ولم تكن فائدة . إذ كان بعضه يؤدي عن بعض . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12915ابن المنادي   : النقط والشكل إنما جعلا للضرورات المشكلات يسرا ، لا أن ينقط كل حرف من الكلمة ، سكن أو تحرك . فإذا ركب ناقط ذلك فقد خرج عن الحد إلى غيره ، ولا طائل في ذلك كله .  
[ ص: 211 ] قال ابن مجاهد : في نقط المصاحف المدور الرفع والنصب والخفض ، والتشديد والتنوين والمد والقصر . ولولا أن ذلك كله فيه ما كان له معنى . قال : والساكن من الحروف لا ينقط في المصحف ، نحو : 
كل من عليها فان ، 
كل يوم هو في شأن ، لا يطرح على ألف 
فان شيء ، وتنقط الألف التي في 
شأن لأنها هي الهمزة . 
وقال ابن أشته : الهمزة الساكنة ينقط عليها ، ولا ينقط على غيرها من السواكن . قال : وأصل النقط أن ينقط على كل ميم وياء وتاء ونون مضمومات ، وتترك المفتوحة دون علامة . من ذلك : 
المؤمنون ، و 
يؤمنون ، و 
يوقنون ، و 
يورثها ، وما أشبهه . وما ترك من نحو : 
إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ، و 
إياك نعبد وإياك نستعين نقطوا المضمومة وتركوا المفتوحة فصلا بينهما . قال : وهذا أصل حسن . 
فأما الميمات فكانت تنقط أولا . نحو : 
عليهم ، و 
لديهم ، و 
إليهم  . وقد تركها بعض الناقطين . وتركها أجود وأحب إلي ، إلا ما استقبلته ألف ساكنة ، نحو : 
عليهم الذلة ، و 
لهم اللعنة ،  
[ ص: 212 ] و 
بأن لهم الجنة ، و 
إنهم اتخذوا ، و 
بأنكم اتخذتم ، و 
بهم الأسباب ، و 
أنهم هم الفائزون ، هذه لا بد من نقطها . 
قال : وينقط 
إلا ولا ذمة ، وقوله : 
منا ولا أذى لئلا يشتبه ، يعني بمثل قوله : 
إلا ولها ، و " ما منا إلا له " . 
قال : وينقط "إذا "كقوله : 
وإذا لاتخذوك خليلا لأنها تلتبس بـ "إذا ". 
وينقط 
وليكونا من الصاغرين ، و 
لنسفعا بالناصية  . ينقط على الألف ؛ لأنها نون خفيفة ، فصارت النقطة بدلا من النون . 
وينقط " من " ، ويترك " من " . 
وينقط " ثم " ، ويترك " ثم " . 
وينقط " ءامنوا " ويترك " ءامنوا " كقوله : " يأيها الذين ءامنوا " . 
وينقط 
ونعمة في ( الدخان ) ، و 
أولي النعمة في ( المزمل ) ، وتترك نقطة المكسورة النون .  
[ ص: 213 ] قال : وهذه كلها علامات ؛ ليعرف بعضها من بعض . وهي أعون للناقط والقارئ . 
وينقط على لام 
لكم ، و 
لهم ، و 
له ، و 
لكن  . ولا ينقط على ما خلف واو الجمع مثل : 
قالوا ، و 
موتوا ، و " اسمعوا " ، و 
كلوا واشربوا ، و 
انظروا ، و " أبشروا " ، و " ءامنوا " ومثله كثير . 
قال : ومن الكلم ما ينقط حروفها كلها ، مثل قوله : 
لنبين لكم ، و 
نقر ، و " يعلمكم " ، و 
أتعلمون الله ، و 
يعلمهم ، و " تمت كلمة ربك " ، و 
كبرت كلمة  . وينقط نظائرها مثل : 
يوم تولون ، و 
تولوا وأعينهم ، و 
يتولوا ، و 
يتولون  .  
[ ص: 214 ] قال : وأما قوله : 
وتول عنهم ، و 
فتول عنهم فما كان من الكلم الباقية ثابتة فدعها ، وما كان باللام خاصة فانقط . 
وينقط مثل : 
فلننبئن كلها ، وكذلك : 
فينبئكم ، و 
تنبئهم ، و 
أنبئكم  . 
قال : والحروف الخفيفة لا تنقط ، إلا في مواضع الإعراب ، نحو : 
الذين كذبوا على الله ، و " مكروا مكرا ومكرنا " ، و " ربت إن الذي " . لا تنقط الذال ولا الكاف ولا الباء . 
وأما الحروف المشددة مثل : 
كذبت ثمود ، و 
كذبت عاد ، و 
كذب الذين فتنقط على موضع التشديد . وإنما نقط على التشديد ، ولم ينقط على التخفيف ؛ لحال الالتباس . 
قال : ولا ينقط على حرف التثقيل من التضعيف ، إلا ما يصيبه الجر والرفع والنصب في أواخر الحروف . وحروف التضعيف نحو : 
الحاقة ،  
[ ص: 215 ] و 
حقت ، و 
حافين  . والتضعيف يدلك على التشديد ، ولا تنقط مواضع التشديد . وكذلك حروف الإدغام مثل قوله : 
الرحمن الرحيم ، و " الصافات صفا " . 
قال : وما كان مثل : 
فارهبون ، و 
فاتقون وما أشبهه من أبواب الفاء ، مما تستقبله ألف ساكنة بلا همزة ، فافتح الفاء ، وألق فوقها نقطة . فإذا استقبلتها ألف مهموزة فانقط الألف موضع الهمزة ، ولا تنقط الفاء شيئا . وكذلك الواو مع ألف الوصل وألف القطع . 
ما حرك للساكنين بضم أو كسر أو فتح فمنقوط ، نحو : 
أن اعبدوا الله على قراءة من ضم ، و 
فإن اتبعتني ، و 
خذ العفو ، و 
لو استطعنا ، و " الم الله " ، و 
لمن المرسلين  . 
وأما الحروف التي أصلها الألف ، ولم تكتب في المصاحف بالألف ، فتتركها مجردة بلا نقط ، مثل " بنيناها " ، و " زيناها " ، و " حفظناها " فلا تنقط النون ؛ فإن نقطتها أخطأت .  
[ ص: 216 ] قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو   : نقطها أولى ، لتدل النقطة على الألف المحذوفة من الرسم تخفيفا . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12915ابن المنادي   : إن شئت نقطت الياء من 
يوقنون ، و 
يورث وما أشبههما . وإن شئت تركتها ، وكذلك الصاد الأولى من 
مرصوص ، وأكثرهم لا ينقط نحو ذلك . 
قال : وقوله : 
فلننبئن تجعل فوق اللام فتحة ، وفوق النون نقطة للفتحة ، وفوق الياء نقطة للهمزة المفتوحة ، وفوق النون نقطة للإعراب المنصوب المشدد . ولا تطرح على الفاء ، ولا على النون الأولى شيئا . وإن شئت فانقط الباء ، وإلا فاكتف بفتحة النون الثانية . فإن ذلك ينوب عن ذلك . فالنقطة على عين الفعل في نحو : 
الزبر ، و 
الرسل تنوب عما قبلها . ومن شاء أن ينقط الفاء أيضا فليفعل . 
وكذلك : 
حبب ، و 
كره ، و 
زين ، ونحوه ، فالنقطة على عين الفعل تنوب عما قبل ذلك ، وعما بعدها .  
[ ص: 217 ] والسماء رفعها انقط العين وحدها . 
ووضع الميزان انقط العين وحدها . وإن شئت فاترك العين ، وانقط الضاد بدلها . و 
القوم تنقط الميم فقط ، كيف تصرف إعرابها . ومثلها 
وكادوا تنقط الكاف . 
قال : ومن الكلام ما ينقط بنقطتين نحو قوله : 
بسم نقطة تحت الباء ، وأخرى تحت الميم . وكذلك 
سبيلي نقطة فوق السين ، وأخرى تحت اللام . وكذلك ما أشبهه . 
وإذا نقطت 
ذلك الكتاب ونحوه فالنقطة إن شئت في طرف الباء قدامها ، وإن شئت قدام ابتدائها . ونقطة 
بصائر ونحوه قدام الراء في أولها ، لا في آخرها . ونقطة 
قل الأنفال قدام اللام في وجه بدنها نفسها . وإن شئت قدام طرفها المبطوح ، كالباء التي في " الكتاب " سواء . ونقطة النون من 
الرحمن ، والميم من 
الرحيم من التسمية في أول التعريق منهما . 
قال : ونقاط مصحف أهل الحرمين ومصحف أهل 
البصرة  أوقعوا نقطة قدام الميم من 
عليهم ، و 
إليهم ، و 
لديهم ، وأشباه ذلك . فأما ناقط  
[ ص: 218 ] مصحف أهل 
الكوفة  فإنه أخلى هذه الميمات . ثم اتفقوا كلهم على أن ينقطوها في نحو : 
عليهم الذلة ، و 
إليهم اثنين ، وما أشبه ذلك . 
قال : وحكي عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل  أنه قال : قوله : 
عليما حكيما بنقطتين فوق الميم طولا ، واحدة فوق الأخرى . وقال 
اليزيدي   : أنقط على الألف لأني إذا وقفت قلت : 
عليما فصار ألفا على الكتاب . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12915ابن المنادي   : ومن أحسن ما ينقط قراءة 
 nindex.php?page=showalam&ids=12114أبي عمرو   : 
عادا الأولى أن ينقط على الدال نقطة في أعلاها للنصبة ، وعلى اللام واحدة للضمة . قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو   : ولا بد من جعل نقطتين على الألف التي بعد الدال : إحداهما الحركة ، والثانية التنوين . كما تجعل في نحو قوله : 
أندادا ليضل وشبهه ؛ دلالة على صرف الاسم . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12915ابن المنادي   : وقوله : 
شيئا فريا لا تجعل على الياء المشددة نقطة للتشديد ، استغناء بنقطة النصبة عن نقطة التشديد . 
فريا ،  
[ ص: 219 ] عتيا ، 
مرجوا ، 
عتوا ، لا تزد على نقطتين ؛ لأنك تستغني بالتي للفتحة عن التي للتشديد . 
قال : ولا بد من إثبات الألف في نحو : " دارست " على قراءة من أثبتها ، بدون نقطه . 
وإذا اجتمعت تشديدتان في كلمة ، نحو : 
النبي الأمي ، و 
الظانين ، و 
الضالين ، و 
الشر ، و 
السيئ ، و " لا يصدنك " ، فانقط الآخرة دون الأولى ، إذا اختلفت حركاتهما . فإذا اجتمعت في كلمة ثلاث تشديدات فانقط الثانية والثالثة ، ولا تنقط الأولى ، نحو : 
الربانيون  . قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو   : وكذلك : 
لنصدقن  . 
قال : وحروف التضعيف والإدغام ، منهم من لا ينقط شيئا منها . ويخالف كثير من المتأخرين إلى نقط ذلك كله ؛ لأن أكثر الناس يستوحشون من فقد ذلك كله .  
[ ص: 220 ] قال : وحروف التهجي التي في أوائل السور المختلف في قراءتها لا بد من نقطها . وكذلك الميم من " الم الله " في أول ( آل عمران ) . 
وقال 
ابن مجاهد   : في النقط التشديد في الموضع الذي يجوز أن يكون مخففا ، والتخفيف في الموضع الذي يجوز أن يكون مشددا ، كقوله : 
وقاتلوا وقتلوا ، إذا لم تشدد التاء ضممت القاف ، ولم تزد عليها شيئا . وإذا قرأت : " قتلوا تقتيلا " ضممت القاف بنقطة ، وطرحت تحت التاء نقطة ، فكان خلوها من النقطة دليلا على أنها مخففة ، وكان طرحك لها دليلا على تشديدها .