مباحث في علوم القرآن

مناع القطان - مناع خليل القطان

صفحة جزء
تعلم القرآن والأجرة عليه

تعليم القرآن فرض كفاية ، وحفظه واجب على الأمة ، حتى لا ينقطع عدد التواتر فيه حفظا ، ولا يتطرق إليه التبديل والتحريف ، فإن قام بذلك قوم سقط عن الباقين ، وإلا أثموا بأسرهم ، وفي حديث عثمان : " خيركم من تعلم القرآن وعلمه “ .

وسبيل تعلمه حفظ آيات يتلوها آيات ، وهذا هو المعروف اليوم في وسائل التربية الحديثة ، أن يحفظ الدارس شيئا قليلا ، ثم يتبعه بقليل آخر ، ثم يضم هذا إلى ذاك ، وهكذا . عن أبي العالية قال : " تعلموا القرآن خمس آيات خمس آيات ، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يأخذه من جبريل عليه السلام خمسا خمسا " .

وقد اختلف العلماء في جواز أخذ الأجر على تعليم القرآن ، ورجح المحققون الجواز ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله “ ، وقوله : " زوجتكها بما معك من القرآن “ .

وقسم بعض العلماء تعليم القرآن تقسيما جيدا للحالات المختلفة ، وبينوا حكم كل حالة منها : قال أبو الليث في كتاب " البستان “ : " التعليم على ثلاثة [ ص: 184 ] أوجه : أحدها للحسبة ولا يأخذ به عوضا ، والثاني أن يعلم بالأجرة ، والثالث أن يعلم بغير شرط فإذا أهدي إليه قبل .

فالأول : مأجور عليه ، وهو عمل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .

والثاني : مختلف فيه ، فقيل لا يجوز ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " بلغوا عني ولو آية " ، وقيل : يجوز ، والأفضل للمعلم أن يشارط الأجرة للحفظ وتعليم الكتابة ، فإن شارط لتعليم القرآن أرجو أنه لا بأس به ، لأن المسلمين قد توارثوا ذلك واحتاجوا له .

وأما الثالث : فيجوز في قولهم جميعا ، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان معلما للخلق ، وكان يقبل الهدية ، ولحديث اللديغ لما رقوه بالفاتحة وجعلوا له جعلا ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " واضربوا لي معكم فيها بسهم “ .

"

التالي السابق


الخدمات العلمية