صفحة جزء
( وأركانهما ) من حيث المجموع كما سيعلم من كلامه ( خمسة ) ( حمد الله تعالى ) للاتباع وككلمتي التكبير ( و ) الثاني ( الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ) إذ كل عبادة افتقرت إلى ذكر الله افتقرت إلى ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم كالأذان والصلاة ( ولفظهما ) أي الحمد والصلاة ( متعين ) [ ص: 313 ] للاتباع ولأنه الذي مضى عليه السلف والخلف من زمنه صلى الله عليه وسلم وإلى عصرنا ، فلا يجزئ الشكر والثناء ولا إله إلا الله ولا المدح والجلال والعظمة ونحو ذلك . نعم لفظ الحمد معرفا غير متعين ، فيكفي نحمد الله وأحمد الله أو لله الحمد والله أحمد كما يؤخذ من التعليقة تبعا لصاحب الحاوي في شرح اللباب ، وصرح الجيلي بإجزاء أنا حامد لله وهو الصحيح وإن توقف فيه الأذرعي وادعى أن قضية كلام الشرحين تعين لفظ الحمد باللام ، ولفظة الله متعينة ، فلا يكفي الحمد للرحمن أو الرحيم ، ولا يتعين لفظ اللهم صلي على محمد ، وإنما المتعين صيغة صلاة عليه كأصلي أو نصلي على محمد أو أحمد أو الرسول أو النبي أو الماحي أو العاقب أو الحاشر أو البشير أو النذير ، فخرج رحم الله محمدا صلى الله عليه وسلم على جبريل ونحوها ، وتسن الصلاة على آله . قال الأذرعي : والظاهر أن كل ما كفى منها في التشهد يكفي هنا .

وسئل الفقيه إسماعيل الحضرمي : هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على نفسه ؟ فقال : [ ص: 314 ] نعم . ومراده بقوله ولفظهما متعين : أي صيغة الحمد والصلاة على ما تقرر ، وما تقرر من عدم إجزاء الضمير هو المعتمد قياسا على التشهد كما جزم به الشيخ في شرح الروض ، وظاهره العموم ولو مع تقدم ذكره ، وهو كذلك كما صرح به في الأنوار وجعله أصلا مقيسا عليه ، واعتمده البرماوي وغيره خلافا لمن وهم فيه ، ولا يشترط قصد الدعاء بالصلاة خلافا للمحب الطبري لأنها موضوعة لذلك شرعا .


حاشية الشبراملسي

( قوله : وأركانهما من حيث المجموع ) جواب سؤال يرد في هذا المقام بأن يقال : هذه الإضافة لا تخلو من أن تكون للاستغراق في كل فرد من أفراد المضاف أو مرادا بها الحكم على مجموع ما أضيف إليه ، وعلى الأول يلزم أن جملة الخمسة واجبة في كل من الخطبتين وهو ظاهر البطلان ، فكذا الملزوم ، وعلى الثاني يلزم كفاية الإتيان ببعض الأركان في الأولى ولو واحدا ، والإتيان بالباقي في الثانية ، وأن يأتي بالجميع في الأولى ويخلي عنها الثانية ، وبالعكس أن يصدق على جميع هذه الصور الإتيان بالأركان في مجموع الخطبتين وبطلانه ظاهر وحاصل ما أشار إليه الشارح أن يقال : نختار الثاني ونحمله على ما صدق عليه إضافة المجموع بقرينة ما سيعلم من كلامه ( قوله : كما سيعلم من كلامه ) أي على ما سيعلم ( قوله : وككلمتي التكبير ) وهما الله وأكبر ، ولعل مراده أن الحمد جعل ركنا في الخطبة قياسا على جعل التكبير ركنا في الصلاة ( قوله : والثاني الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ) .

[ فرع ] أفتى شيخنا الرملي بأنه لو أراد بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم غيره لم ينصرف عنه وأجزأت . وأقول : ينبغي أن يكون هذا بخلاف ما لو قصد بالصلاة عليه غير الخطبة ، لأن هذا صرف عن الخطبة وذاك عن النبي ، ونظيره الصرف عن الله أو عن اليمين في الأيمان ا هـ سم على منهج : أي فإنه إن قصد ثم الصرف عن الله تعالى لا ينصرف أو عن اليمين انصرف . أقول : وفيه أن الذي لا يقبل الصرف من أسمائه تعالى هو لفظ الجلالة خاصة . وأما الألفاظ التي تطلق عليه وعلى غيره فتقبل الصرف ، والأسماء التي يوصف بها نبينا عليه الصلاة والسلام كلها تقبل الصرف للاشتراك فيها . اللهم إلا أن يقال : إنها لما اشتهرت فيه اشتهارا تاما نزلت منزلة الأعلام الشخصية التي لا اشتراك فيها ( قوله : افتقرت إلى ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أي وجوبا في الواجب وندبا في المندوب ( قوله : كالأذان والصلاة ) قال حج بعد ما ذكر : وروى البيهقي خبر { قال الله تعالى : وجعلت أمتك لا تجوز عليهم خطبة [ ص: 313 ] حتى يشهدوا أنك عبدي ورسولي } قيل هذا مما تفرد به الشافعي ورد لأنه تفرد صحيح . ولا يقال إن خطبته صلى الله عليه وسلم ليست فيها صلاة لأن اتفاق السلف والخلف على التصلية في خطبهم دليل لوجوبها ، إذ يبعد الاتفاق على سنها دائما ا هـ ( قوله : للاتباع ) المتبادر منه أن الاتباع عبارة عن الاقتداء به صلى الله عليه وسلم فيما فعله ، وهو الظاهر من قوله : ولأنه الذي مضى عليه السلف والخلف ، ويرد عليه قول حج السابق ولا يقال إن خطبته صلى الله عليه وسلم ليست فيما صلاة إلخ .

وقوله إذ يبعد الاتفاق على سنها دائما دون أن يقول إذ يبعد الاتفاق على ما لم يفعله ، وعلى ما اقتضاه كلام حج من عدم فعله له صلى الله عليه وسلم يجعل قوله : ولأنه الذي مضى عليه السلف والخلف تفسيرا للاتباع ، وإن كان الظاهر من كلام الشارح أن الاتباع عبارة عن الاقتداء به عليه الصلاة والسلام في فعله ، وقوله ولأنه الذي إلخ إشارة لحمل فعله الوارد عنه على الوجوب ( قوله : والله أحمد ) أي أو الله نحمد ( قوله : في شرح اللباب ) أي وهو المسمى بالعجاب وكلاهما لمصنف الحاوي ، فليس المراد به لباب المحاملي ( قوله : وصرح الجيلي بإجزاء أنا حامد ) ويظهر أن مثله أني حامد لله وإن الحمد لله أو أن لله الحمد لاشتمالها على حروف الحمد ومعناه ( قوله : ولفظة الله متعينة ) سأل سائل : لم تعين لفظ الجلالة في صيغة الحمد في الخطبة دون اسم النبي صلى الله عليه وسلم في صيغة الصلاة بل كفى نحو الماحي والحاشر مع أنه لم يرد ؟ ويجاب بأن للفظ الجلالة بالنسبة لبقية أسمائه تعالى وصفاته مزية تامة ، فإن له الاختصاص التام به تعالى ، ويفهم منه عند ذكره سائر صفات الكمال كما نص عليه العلماء ، بخلاف بقية أسمائه تعالى وصفاته ، ولا كذلك نحو محمد من أسمائه عليه الصلاة والسلام انتهى سم على منهج ( قوله : أو نصلي على محمد ) أي أو صلى الله على محمد ، وتقدم في الصلاة عن حج أن الصلاة عليك يا رسول الله إنما تكفي حيث نوى بها الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فهل يأتي نظيره هنا أو لا ويفرق ؟ فيه نظر ، والأقرب الثاني .

ويفرق بأن الصلاة يحتاج لها بدليل أنهم لم يكتفوا فيها بجميع أسمائه صلى الله عليه وسلم ، بل عينوا فيها ما ورد ، والخطبة لما توسعوا فيها لم يشترطوا فيها ما ورد فيها بخصوصه بل اكتفوا بكل ما كان من أسمائه عليه الصلاة والسلام ( قوله أو العاقب إلخ ) قال حج : ونحوها مما ورد وصفه صلى الله عليه وسلم به انتهى . وتعبير الشارح بالكاف يوافقه ( قوله : وتسن الصلاة على آله ) أي والسلام ( قوله : والظاهر أن كل ما كفى منها ) أي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ( قوله : يكفي هنا ) بل كثير من الصيغ يكفي هنا ، ولا يكفي في التشهد كما يعلم مما قدمه .

( قوله : يصلي على نفسه ) كقوله صلى الله عليه وسلم على محمد ، ثم رأيت في تخريج العزيزي للحافظ العسقلاني [ ص: 314 ] ما نصه : وللأربعة من حديث ابن مسعود في خطبة الحاجة : وأشهد أن محمدا رسول الله . نعم في البخاري عن سلمة بن الأكوع لما خفت أزواد القوم ، فذكر الحديث في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، وله شاهد عند مسلم عن أبي هريرة انتهى . ولم يتعرض للصلاة عليه فيحتمل أنها بالاسم الظاهر وبالضمير ( قوله : أي صيغة الحمد ) لما كان الوهم ربما يذهب إلى أن المراد بنحوها نحوها في المادة أو المعنى فيكون ما لم يشاركها في المعنى أو المادة غير كاف ، وإن ورد دفع هذا التوهم حج بتعين ما زاده بقوله مما ورد وصفه به ( قوله : إجزاء الضمير ) هو قوله صلى الله عليه وسلم ( قوله ولا يشترط قصد الدعاء ) أي ومع ذلك يحصل له الثواب المرتب على الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم .

حاشية المغربي

[ ص: 311 - 312 ] قوله : وككلمتي التكبير ) محله بعد قول المصنف ولفظهما متعين كما هو كذلك في شرح الروض [ ص: 313 ] قوله : أو لله الحمد ) في أخذ هذا من جملة هذه المحترزات تسمح ( قوله : من التعليقة ) أي على الحاوي ، فالمراد الحاوي الصغير بقرينة ما بعده ، وإن كان الحاوي إذا أطلق ينصرف للكبير

التالي السابق


الخدمات العلمية