صفحة جزء
[ ص: 43 ] كتاب الزكاة هي لغة : التطهير .

وشرعا : اسم لما يخرج عن مال أو بدن على وجه مخصوص يعلم مما يأتي ، سمي بها ذلك ; لأنه يطهر المخرج عنه عن تدنيسه بحق المستحقين والمخرج عن الإثم ، ويصلحه وينميه ويقيه من الآفات ويمدحه ، وأصل وجوبها قبل الإجماع آيات كقوله تعالى { وآتوا الزكاة } وأخبار كخبر { بني الإسلام على خمس } ومن ثم كانت أحد أركان الإسلام فيكفر جاحدها على الإطلاق أو في القدر المجمع عليه دون المختلف فيه ، وهو الأقرب ، [ ص: 44 ] كوجوبها في مال الصبي ومال التجارة ، ومن جهلها عرف بها ، فإن جحدها بعد ذلك كفر ، ويقاتل الممتنع من أدائها ، وتؤخذ منه وإن لم يقاتل قهرا كما فعل الصديق رضي الله عنه .

وفرضت الزكاة في السنة الثانية من الهجرة بعد زكاة الفطر ، وتجب في ثمانية أموال كما تصرف لثمانية أصناف ، ولما كانت الأنعام أكثر أموال العرب ، والإبل أشرفها بدأ بها اقتداء بكتاب الصديق الآتي ، فقال :


حاشية الشبراملسي

[ ص: 43 ] كتاب الزكاة ( قوله : هي لغة : التطهير ) أي والإصلاح والنماء والمدح ا هـ حج .

ولعل اقتصار الشارح على ما ذكره أنه أنسب بالمعنى الاصطلاحي ; لأن المال المخرج يطهر صاحبه من الذنوب ، لكن ما يفهم من قول الشارح رحمه الله سمي بها ذلك إلخ أوفق بكلام حج ( قوله : ويمدحه ) أي عند الله ( قوله : كقوله { وآتوا الزكاة } ) قال الزيادي : الأصح أنها مجملة لم تتضح دلالتها لا عامة ولا مطلقة ، وكذا قوله { خذ من أموالهم صدقة } ا هـ .

ومعنى قوله لم تتضح دلالتها : أنه لا يؤخذ منها حكم إلا بعد بيان المراد منها كالأحاديث الواردة في تفضيلها ا هـ حج بعد ما ذكره زي

ويشكل عليها آية البيع : أي وهي قوله { وأحل الله البيع } فإن الأظهر من أقوال أربعة أنها عامة مخصوصة مع استواء كل من الآيتين لفظا ، إذ كل مفرض مشتق واقترنا بأل فترجيح عموم تلك وإجمال هذه دقيق ، وقد يفرق بأن حل البيع الذي هو منطوق الآية موافق لأصل الحل مطلقا ، أو بشرط أن فيه منفعة متمحضة ، فما حرمه الشرع خارج عن الأصل وما لم يحرمه موافق له فعملنا به ، ومع هذين يتعذر القول بالإجمال ; لأنه الذي لم تتضح دلالته على شيء معين ، والحل قد علمت دلالته من غير إبهام فيها فوجب كونه من باب العام المعمول به قبل ورود المخصص لإفصاح دلالته على معناه .

وأما إيجاب الزكاة الذي هو منطوق اللفظ فهو خارج عن الأصل لتضمنه أخذ مال الغير قهرا عليه ، وهذا لا يمكن العمل به قبل ورود بيانه مع إجماله فصدق عليه حد المجمل .

ويدل لذلك فيهما أحاديث البابين ; لأنه صلى الله عليه وسلم اعتنى بأحاديث البيوعات الفاسدات الربا وغيره فأكثر منها ; لأنه يحتاج لبيانها لكونها على خلاف الأصل لا ببيان البيوعات الصحيحة اكتفاء بالعمل فيها بالأصل ، وفي الزكاة عكس ذلك فاعتنى ببيان ما يجب فيه ; لأنه خارج عن الأصل فيحتاج إلى بيانه لا ببيان ما لا يجب فيه اكتفاء بأصل عدم الوجوب ، ومن ثم طولب من ادعى الزكاة في نحو خيل ورقيق بالدليل ( قوله : فيكفر جاحدها على الإطلاق ) لأنها معلومة من الدين بالضرورة ، فمن أنكر أصلها كفر ، وكذا بعض جزئياتها الضرورية حج .

ومعنى الإطلاق في الشارح أنه إذا أنكرها في أي شيء من الأموال التي تجب فيها حتى مال الصبي كفر ، ويحتمل أن المراد بالإطلاق إنكار وجوب الزكاة من حيث هي من غير تعلق بشيء من الأموال ، لكن هذا وإن كان ظاهرا في نفسه لا يناسبه [ ص: 44 ] قول الشارح الآتي وهو الأقرب بل هو بالاحتمال الأول أوفق ( قوله كوجوبها في مال الصبي ) مثال للمختلف فيه ( قوله بعد زكاة الفطر ) انظر في أي وقت .

حاشية المغربي

[ ص: 42 - 43 ] كتاب الزكاة ( قوله ويصلحه ) يعني المخرج عنه .

واعلم أن الشارح لم يمهد لهذا في المعنى اللغوي ما يحسن تنزيله عليه ، وكأن هنا في نسخ الشارح سقطا من الكتبة ، فإن أصل العبارة للإمداد ولفظها : وهي لغة التطهير ، ومنه { قد أفلح من زكاها } أي طهرها عن الأدناس والإصلاح والنماء والمدح ومنه { فلا تزكوا أنفسكم } ، وشرعا إلى آخر ما يأتي [ ص: 44 ] في الشارح ( قوله اقتداء بكتاب الصديق ) أي المقدم لها للعلة المارة ، وكان الأولى عطف هذا عليها كما صنع غيره

التالي السابق


الخدمات العلمية