صفحة جزء
[ ص: 109 ] باب زكاة الفطر الفطرة بكسر الفاء : اسم مولد لا عربي ولا معرب بل اصطلاح للفقهاء فتكون حقيقة شرعية على المختار كالصلاة والزكاة وتقال للخلقة ومنه قوله تعالى { فطرة الله التي فطر الناس عليها } والمعنى أنها وجبت على الخلقة تزكية للنفس : أي تطهيرا لها وتنمية لعملها وتقال للمخرج ، وقول ابن الرفعة : إنه بضم الفاء اسم للمخرج مردود .

والأصل فيه قبل الإجماع خبر الصحيحين عن ابن عمر { فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين } وعن أبي سعيد رضي الله عنه { كنا نخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام أو صاعا من تمر أو صاعا من زبيب أو صاعا من أقط ، فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه ما عشت } ولا ينافي حكاية الإجماع قول ابن اللبان بعدم وجوبها لأنه غلط صريح كما في الروضة ، لكن صريح كلام ابن عبد البر أن فيها خلافا لغير ابن اللبان ويجاب عنه بأنه شاذ منكر فلا يتخرق به الإجماع ، أو يراد بالإجماع الواقع في عبارة غير واحد [ ص: 110 ] ما عليه الأكثر ، ويؤيده قول ابن كج : لا يكفر جاحدها .


حاشية الشبراملسي

[ ص: 109 ] ( باب زكاة الفطر ) ( قوله : زكاة الفطر ) أي بيان ما يتعلق بزكاة الفطر ( قوله اسم مولد ) أي نطق به المولدون .

( قوله : لا عربي ) العربي هو الذي تكلمت به العرب مما وضعه واضع لغتهم ولا معرب هو لفظ غير عربي استعملته العرب في معناه الأصلي بتغير ما ( قوله : فتكون ) أي الفطرة ( قوله : حقيقة شرعية ) أي في القدر المخرج والأنسب في التفريع أن يقول : فتكون حقيقة عرفية أو اصطلاحية ; لأن الحقيقة الشرعية عند الأصوليين ما أخذت التسمية به من كلام الشارع ، أما ما اصطلح عليه الفقهاء واستعملوه فلا يسمى بذلك بل يسمى حقيقة عرفية أو اصطلاحية . ثم رأيت سم على شرح البهجة قال ما نصه : قوله حقيقة شرعية : فإن قلت : كان الواجب أن يقول فتكون حقيقة عرفية ; لأن الشرعية ما كانت بوضع الشارع . قلت : هذه النسبة لغوية وهي صحيحة ، فالمراد حقيقة منسوبة لحملة الشرع وهم الفقهاء ، والنسبة بهذا المعنى لا شبهة في صحتها وإن كان المتبادر من النسبة في " شرعية " باعتبار الاصطلاح الأصولي هي ما كان بوضع الشارع فليتأمل سم ( قوله وتقال للخلقة ) ظاهر هذا الصنيع يقتضي أن لفظ الفطرة سواء أريد به الخلقة أو القدر المخرج مولد ، ولعله غير مراد ; لأن اصطلاحات الفقهاء حادثة ، وإطلاق الفطرة على الخلقة ليس من اصطلاحاتهم كما هو ظاهر فلعلها مولدة للنظر بالمعنى الثاني .

( قوله : وتنميه ) عطف مغاير ( قوله : وتقال للمخرج ) أي تقال الفطرة بالكسر للمال المخرج بفتح الراء .

( قوله : صاعا من تمر أو صاعا من شعير ) إنما اقتصر عليهما لكونهما هما اللذان كانا موجودين إذ ذاك ا هـ . ومثله يقال فيما بعده .

( قوله : إذ كان ) أي وقت كان إلخ ( قوله : صاعا من طعام ) [ ص: 110 ] أي بر .

حاشية المغربي

[ ص: 109 ] ( باب زكاة الفطر ) ( قوله : الفطرة بكسر الفاء إلخ ) كان ينبغي أن يمهد لهذا بشيء يتنزل عليه كأن يقول عقب قول المصنف زكاة الفطر ويقال لها الفطرة وهي بكسر الفاء إلخ ( قوله : مولد لا عربي ولا معرب ) بمعنى أي وضعه على هذه الحقيقة مولد من جملة الشرع بدليل قوله فيكون حقيقة شرعية ، وإلا فالمولد هو اللفظ الذي ولده الناس بمعنى اخترعوه ولم تعرفه العرب وظاهر أن الفطرة ليست كذلك ، قال الله تعالى { فطرة الله التي فطر الناس عليها }

التالي السابق


الخدمات العلمية