صفحة جزء
[ ص: 199 ] فصل في موجب كفارة الصوم ( تجب الكفارة بإفساد صوم يوم من رمضان ) يقينا وخرج به الوطء في أوله إذا صامه بالاجتهاد ولم يتحقق أنه منه أو في صوم يوم الشك حيث جاز فبان من رمضان ( بجماع ) ولو لواطا وإتيان بهيمة أو ميت وإن لم ينزل ( أثم به بسبب الصوم ) أي لأجله لخبر الصحيحين { جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال هلكت ، قال : وما أهلكك ؟ قال واقعت امرأتي في رمضان ، قال : هل تجد ما تعتق رقبة ؟ قال لا ، قال : فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ قال لا ، قال : فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا ؟ قال لا ، ثم جلس ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرق } وهو بفتح المهملتين مكتل ينسج من خوص النخل ، { فيه تمر فقال : تصدق بهذا ، فقال : على أفقر منا يا رسول الله ؟ فوالله ما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا ، فضحك صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ثم قال : اذهب فأطعمه أهلك } وفي رواية البخاري { فأعتق رقبة فصم شهرين فأطعم ستين مسكينا } بلفظ الأمر . ورواية [ ص: 200 ] { أنه كان فيه خمسة عشر صاعا } كما قاله البيهقي أصح من رواية { أنه كان فيه عشرون صاعا }

وستأتي القيود مشروحة في كلام المصنف .

وأورد على هذا الضابط أمور أحدها إذا جامع المسافر ونحوه امرأته ففسد صومها لا كفارة عليه بإفساده على الأظهر فينبغي التقييد بصوم نفسه ويجاب عنه بأن الكفارة إذا لم تلزم بإفسادها صومها بالجماع كما يأتي فبالأولى إفساد غيرها له .


حاشية الشبراملسي

[ ص: 199 ] فصل في موجب كفارة الصوم ) ( قوله : كفارة الصوم ) أي وبيانها وما يتبع ذلك ( قوله : وخرج به ) أي بقوله يقينا ( قوله : حيث جاز ) أي بأن أخبره موثوق به برؤية الهلال فصام اعتمادا على ذلك ( قوله : بجماع ) قد يخرج ما لو قارن الجماع مفطر آخر كأكل فلا تجب الكفارة ، وهو متجه لأن الأصل براءة الذمة ولم يتمحض الجماع للهتك ا هـ سم على شرح البهجة .

فلو أولج في فرج مقطوع هل يجب فيه الكفارة ويفسد الصوم كما يجب الغسل بالإيلاج فيه أو لا ويفرق فيه نظر ، والأقرب الثاني ، ويفرق بأن المدار هنا على مسمى الجماع وهو منتف فيه ، بخلاف الغسل فإن الحكم فيه منوط بمسمى الفرج ( قوله : ولو لواطا ) صريح في أن الجماع يشمل ذلك لكنه قال في الإيعاب بعد تعبير المتن بالجماع الأولى بوطء ليشمل اللواط وإتيان البهيمة والميتة ، ويحتمل أن ما ذكره الشارح تفسير مراد فلا ينافي ما ذكره في الإيعاب ( قوله : لخبر الصحيحين جاء رجل ) واسمه سلمة بن صخر البياضي ( قوله : قال { هل تجد ما تعتق ؟ } ) أي تستطيع وما مصدرية ( قوله { فهل تجد ما تطعم ؟ } ) ما مصدرية أيضا ( قوله : وهو بفتح المهملتين ) هذا هو الصواب المشهور في الرواية واللغة ، وحكاه القاضي عن رواية الجمهور ثم قال : ورواه كثير من شيوخنا وغيرهم بإسكان الراء ، قال : والصواب الفتح ، ويقال العرق الزبيل بفتح الزاي من غير نون والزنبيل بكسر الزاي وزيادة نون ، ويقال له القفة والمكتل بكسر الميم وفتح التاء المثناة فوق والسفيفة بفتح السين المهملة وبالفاءين .

قال القاضي : قال ابن دريد : تسمى زنبيلا لأنه يحمل فيه الزبل ، والعرق عند الفقهاء ما يسع خمسة عشر صاعا وهو ستون مدا لستين مسكينا لكل مسكين مد ا هـ شرح مسلم للنووي .

وأما الفرق بالفاء والراء المفتوحتين فهو كما في المصباح مكيال يقال إنه يسع ستة عشر رطلا ( قوله : ما بين لابتيها ) وهما الحرتان أي الجبلان المحيطان بالمدينة وفي رواية ذكرها

[ ص: 200 ] البخاري في الأدب من رواية الأوزاعي { والذي نفسي بيده ما بين طنبي المدينة } وهو تثنية طنب بضم الطاء المهملة والنون أحد أطناب الخيمة واستعاره للطرف ، وقوله ( أهل ) هو مبتدأ خبره أحوج وبين لابتيها حال ويجوز كون ما حجازية أو تميمية ، فعلى الأول أحوج منصوب وعلى الثاني مرفوع ، ويجوز أن يكون بين خبرا مقدما وأهل مبتدأ وأحوج صفة لأهل ، ويتعين على هذا رفع أحوج على أنه صفة ويجوز نصبه على أنه حال ، ويستوي على هذا الحجازية والتميمية لسبق الخبر

حاشية المغربي

[ ص: 199 ] ( فصل في موجب كفارة الصوم ) ( قوله : يقينا ) يعني ظنا مستندا إلى رؤية كما يعلم مما يأتي ( قوله : أو في صوم يوم الشك إلخ ) سيأتي أنه يورد ذلك على كلام المصنف ، ويجيب عنه بأنه خارج بقيد الإفساد فلا حاجة إلى قول الشارح يقينا هنا بالنسبة إليه .

واعلم أنه إنما يرد على المصنف إن جعل قوله من رمضان وصفا ليوم ، فإن جعل وصفا لصوم لم يرد فتأمل . [ ص: 200 ]

( قوله : وستأتي القيود ) يعني مفهوماتها ( قوله يجاب بأن الكفارة إذا لم تلزم بإفسادها صومها إلخ ) في هذا الجواب تسليم الإيراد ، ولا يخفى اندفاعه بقيد الجماع كما يعلم مما سيأتي في كلامه مع أنه يرد على ما قاله أنه لا يكتفى في الحدود بالمفاهيم

التالي السابق


الخدمات العلمية