صفحة جزء
[ ص: 3 ] { من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين } " حديث شريف " بسم الله الرحمن الرحيم ( فصل ) في بيان الطلاق السني والبدعي ( الطلاق سني ) وهو الجائز ( وبدعي ) وهو الحرام فلا واسطة بينهما على أحد الاصطلاحين ، والمشهور خلافه ، وهو انقسامه إلى سني وبدعي ولا ولا ، إذ طلاق الصغيرة والآيسة والمختلعة ومن استبان حملها منه ومن لم يدخل بها لا سنة فيه ولا بدعة

( ويحرم البدعي ) لإضرارها أو إضراره أو الولد به كما يأتي ( وهو ضربان ) أحدهما ( طلاق ) منجز ، وقول الشيخ ولو في طلاق رجعي ، وهي تعتد بالأقراء مبني على مرجوح وهو استئنافها العدة ( في حيض ) أو نفاس ( ممسوسة ) أي موطوءة ولو في الدبر أو مستدخلة ماءه المحترم وقد علم ذلك إجماعا ، ولخبر ابن عمر الآتي ولتضررها بطول العدة إذ بقية دمها غير محسوب منها ، ومن ثم لم يحرم في حيض حامل تعتد بوضعه ، وبحث الأذرعي حله في أمة قال لها سيدها إن طلقك الزوج اليوم فأنت حرة ، فسألت زوجها فيه لأجل العتق فطلقها لأن دوام الرق أضر بها من تطويل العدة وقد لا يسمح به السيد أو يموت بعد ، [ ص: 4 ] وشمل إطلاقه ما لو ابتدأ طلاقها في حال حيضها ولم يكمله حتى طهرت فيكون بدعيا ، وبه صرح الصيمري ، والأوجه خلافه لما يأتي من أنه لو قال أنت طالق مع آخر حيضك أو في آخره فسني في الأصح لاستعقابه الشروع في العدة ، واحترزنا بالمنجز عن المعلق بدخول الدار مثلا فلا يكون بدعيا ، لكن ينظر لوقت الدخول ، فإن وجد حالة الطهر فسني وإلا فبدعي لا إثم فيه هنا .

قال الرافعي : ويمكن أن يقال إن وجدت الصفة باختياره أثم بإيقاعه في الحيض كإنشائه الطلاق فيه . قال الأذرعي : إنه ظاهر لا شك فيه وليس في كلامهم ما يخالفه ( وقيل إن سألته ) أي الطلاق في الحيض ( لم يحرم ) لرضاها بطول العدة ، والأصح التحريم لأنها قد تسأله كاذبة كما هو شأنهن ، ولو علق الطلاق باختيارها فأتت به في حال الحيض مختارة . قال الأذرعي : فيمكن أن يقال هو كما لو طلقها بسؤالها : أي فيحرم أي حيث كان يعلم وجود الصفة حال البدعة وهو ظاهر ، ومن ثم لو تحققت رغبتها فيه لم يحرم كما قال ( ويجوز ) ( خلعها فيه ) أي الحيض بعوض لحاجتها إلى خلاصها بالمفارقة حيث افتدت بالمال وقد قال تعالى { فلا جناح عليهما فيما افتدت به } ويكون سنيا ولإطلاق إذنه لثابت بن قيس في الخلع على مال من غير استفصال عن حال زوجته ( لا ) خلع ( أجنبي في الأصح ) لأن خلعه لا يقتضي اضطرارها إليه ، والثاني يجوز وهو غير بدعي لأن بذل المال يشعر بالضرورة ، ولو أذنت له في اختلاعها اتجه أنه كاختلاعها نفسها إن كان بمالها وإلا فكاختلاعه ( ولو ) ( قال أنت طالق مع ) أو في أو عند مثلا ( آخر حيضك ) ( فسني في الأصح ) لاستعقابه الشروع في العدة ، والثاني بدعي لمصادفته الحيض ( أو ) أنت طالق ( مع ) ومثلها ما ذكر ( آخر طهر ) عينه كما دل عليه قوله ( لم يطأها فيه فبدعي على المذهب ) المنصوص كما في الروضة ، والمراد به الراجح لأنه لا يستعقب العدة . والثاني سني لمصادفته الطهر .


حاشية الشبراملسي

[ ص: 3 ] فصل ) في بيان الطلاق السني والبدعي ( قوله : السني والبدعي ) أي وما يتبع ذلك ( قوله : فلا واسطة بينهما ) أي السني والبدعي ( قوله : ومن استبان ) أي ظهر ( قوله : ويحرم البدعي ) وهو ما وقع في حيض أو نحوه وإلا فظاهر العبارة لا يخلو عن مسامحة إذا فسر البدعي بالحرام لأنه يصير المعنى عليه ويحرم الحرام ( قوله : طلاق منجز ) أي لغير رجعية ليقابل قوله وقول الشارح إلخ ولو بسؤال منها أخذا من قول المصنف ، وقيل إن سألته إلخ ( قوله : أو مستدخلة ماءه ) هل ولو في الدبر أخذا مما قبله ا هـ سم على حج فيه نظر ، والأقرب نعم ، ثم رأيت في شرح الروض التصريح بما قاله شيخنا ، وعبارته : أو استدخلت ماءه المحترم ولو في حيض قبله أو الدبر ( قوله : يعتد بوضعه ) مفهومه أنها لو كانت حاملا من شبهة أو من وطء زنا حرم ، وسيأتي حكم ذلك في قوله ومنه أيضا ما لو نكح حاملا من زنا إلخ ( قوله وبحث الأذرعي إلخ ) معتمد ( قوله : فسألت زوجها ) مفهومه أنه لو علم الزوج بتعليق السيد فطلقها ليحصل لها العتق لم [ ص: 4 ] يجز ، وهو ظاهر لأنها قد لا يكون لها غرض ، وقوله فيه : أي الطلاق ( قوله : والأوجه خلافه ) وقياسه أنه لو ابتدأ طلاقها في الطهر وأكمله في الحيض كان بدعيا لأنه لا يستعقب الشروع في العدة وهو ظاهر وإن وقع في كلام الخطيب ما يخالفه ( قوله : إن وجدت الصفة باختياره ) أي كأن علق بفعله ثم فعل ( قوله : قال الأذرعي إلخ ) معتمد ( قوله : أي فيحرم ) هذا مخالف لمفهوم قوله السابق إذا وجدت الصفة باختياره أثم إلخ ، إلا أن يقال : ما هنا مصور بما لو علم وجود الصفة في الحيض ، وما تقدم مصور بما إذا لم يعلم كما يشعر بهذا قوله هنا : أي حيث كان يعلم إلخ ، ويبقى الكلام في الطريق المفيد لعلمه بوجودها في الحيض مع كون الفرض أن الصفة باختيارها وهي مستقبلة ، وقد يقال المراد بالعلم هنا الظن القوي ( قوله ومن ثم لو تحققت ) أي كأن دفعت له عوضا على الظن أو دلت قرينة قوية على ذلك ( قوله : إن كان بمالها ) أي إن كان الإذن في اختلاعها بمالها وإن اختلع من ماله لأن إذنها على الوجه المذكور محقق لرغبتها ( قوله : ومثلها ما ذكر ) أي في أو عند

حاشية المغربي

[ ص: 3 ] فصل ) في بيان الطلاق السني والبدعي ( قوله : وقد علم ) إنما قيد به لقول المصنف ويحرم وإلا فاسم البدعة موجود ولو مع عدم العلم كما هو ظاهر [ ص: 4 ] قوله : والأوجه خلافه ) أي : فلا يسمى بدعيا ، وأما كونه يحرم عليه من حيث الإقدام مع عدم علمه بالانقطاع ، فينبغي الجزم به فليراجع ( قوله : ويكون سنيا ) أي : على اصطلاح المصنف لا على المشهور المار

التالي السابق


الخدمات العلمية