صفحة جزء
( ويحرم بيعها ) لما مر من الأحاديث وأجمع التابعون فمن بعدهم عليه . قال المصنف في شرح المهذب : هذا هو المعتمد في المسألة إن قلنا الإجماع بعد الخلاف يرفع الخلاف ، وحينئذ فيستدل بالأحاديث وبالإجماع على نسخ الأحاديث في بيعها .

قال الصيمري وغيره : وأجمعوا على المنع إذا كانت حاملا بحر ، وإنما اختلفوا بعد الولادة ولهذا احتج ابن سريج في الودائع بالاتفاق على أنها لا تباع في حال الحبل قال : فدلالة اتفاقهم قاضية على حكم ما اختلفوا فيه بعد الولادة ، ونقض هذا الاستدلال بالحامل بحر من وطء شبهة فإنها لا تباع في حال الحبل وتباع بعد الوضع . وأجيب عنها بقيام الدليل فيها بجواز البيع بعد الوضع بخلاف أم الولد ، ونص الشافعي رضي الله عنه على منع بيعها في خمسة عشر كتابا ، ولو حكم قاض بجواز بيعها نقض قضاؤه لمخالفته الإجماع ، وما كان في بيعها من خلاف بين القرن الأول فقد انقطع وصار مجمعا على منعه ، وأما خبر أبي داود وغيره عن جابر { كنا نبيع سرارينا أمهات الأولاد والنبي صلى الله عليه وسلم حي لا نرى بذلك بأسا } فأجيب عنه بأنه منسوخ وبأنه منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم استدلالا واجتهادا فيقدم عليه ما نسب إليه قولا ونصا وهو الأحاديث المتقدمة ، وبأنه صلى الله عليه وسلم لم يعلم بذلك كما ورد في خبر المخابرة عن ابن عمر : كنا نخابر لا نرى بذلك بأسا حتى أخبرنا رافع بن خديج { أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن المخابرة فتركناها } . وزاد الحاكم فيه : لا نرى بذلك بأسا في زمن أبي بكر ، فلما كان عمر نهانا فانتهينا . ورواه البيهقي بدون هذه الزيادة وقال : يحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشعر بذلك ، ويحتمل [ ص: 437 ] أن يكون ذلك قبل النهي أو قبل ما استدل به عمر وغيره من أمر النبي صلى الله عليه وسلم على عتقهن ، ومن فعله منهم لم يبلغه ذلك ا هـ . وهو ظاهر في أن قوله لا نرى بالنون لا بالياء . وقال البيهقي : ليس في شيء من الطرق أنه اطلع عليه ا هـ . وكما يحرم بيعها لا يصح ، ومحل ما ذكره المصنف إذا لم يرتفع الإيلاد فإن ارتفع بأن كانت كافرة وليست لمسلم وسبيت وصارت قنة صح جميع ذلك ، ويستثنى من ذلك مسائل يجوز بيعها : الأولى المرهونة رهنا وضعيا أو شرعيا حيث كان المستولد معسرا حال الإيلاد . الثانية : الجانية وسيدها كذلك ، الثالثة : مستولدة المفلس .

الرابعة بيعها من نفسها بناء على أنه عقد عتاقة وهو الأصح وكبيعها في ذلك هبتها كما صرح به البلقيني والأذرعي ، بخلاف الوصية بها لاحتياجها إلى القبول وهو إنما يكون بعد الموت والعتق يقع عقبه . قال الأذرعي : وددت لو قيل بجواز بيعها ممن تعتق عليه بقرابة . وقال الزركشي : ينبغي صحة بيعها ممن تعتق عليه كأصلها أو فرعها أي ومن أقر بحريتها ا هـ . وهو مردود . الخامسة إذا سبي سيد المستولدة واسترق فيصح بيعها ولا تعتق بموته . السادسة إذا كانت حربية وقهرها حربي آخر ملكها ، وقد مر أنه تجوز كتابة أم الولد


حاشية الشبراملسي

( قوله : يرفع الخلاف ) [ ص: 437 ] معتمد ( قوله : رهنا وضعيا ) أي بأن رهنها المالك في حياته والشرعي بأن يموت وعليه دين فالتركة مرهونة به رهنا شرعيا ( قوله : وسيدها كذلك ) أي معسرا حال الإيلاد ( قوله : وهو مردود ) أي قول الأذرعي

حاشية المغربي

( قوله : وما كان في بيعها إلخ ) هذا وما بعده يغني عنه ما مر عقب المتن ( قوله : استدلالا واجتهادا ) أي منا أخذا بظاهر قول جابر والنبي صلى الله عليه وسلم حي لا نرى بذلك بأسا ( قوله : كما ورد في خبر المخابرة ) غرضه من سياق هذا بيان أنه لا يلزم من قول الصحابي لا نرى بذلك بأسا أن النبي صلى الله عليه وسلم اطلع عليه ، لكن قد يقال : إنه لا دليل في ذلك لأنه لم ينص فيه على أنه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، بخلاف خبر جابر على أن جزم الشارح بأنه صلى الله عليه وسلم لم يطلع عليه واستناده فيه إلى مجرد ما ذكره فيه ما لا يخفى ( قوله : وزاد الحاكم ) يعني في أمهات الأولاد بدليل ما بعده [ ص: 437 ] قوله : على عتقهن ) متعلق باستدل وانظر ما المراد بأمره صلى الله عليه وسلم ( قوله : الأولى المرهونة إلخ ) هذه والمسائل الثلاث بعدها لا تستثنى لأن صحة بيعها لعدم صحة إيلادها كما مر ( قوله : بخلاف الوصية بها ) أي لنفسها : أي فتحرم : أي لتعلق العقد الفاسد .

التالي السابق


الخدمات العلمية