صفحة جزء
قوله ( وأما المبتوتة : فلا تجب عليها العدة في منزله ، وتعتد حيث شاءت ) . وهذا المذهب . نص عليه . وعليه الأصحاب . وعنه : أنها كالمتوفى عنها زوجها .

تنبيه :

قوله " وتعتد حيث شاءت " يعني في بلدها ، على الصحيح من المذهب ، والروايتين . والصحيح من المذهب : أنها لا تبيت خارجا عن منزلها . وعنه : يجوز ذلك .

فوائد

الأولى : إذا أراد زوج البائن إسكانها في منزله أو غيره ، مما يصلح لها تحصينا لفراشه ، ولا محذور فيه : لزمها ذلك . ذكره القاضي ، وغيره . ولو لم يلزمه نفقتها كالمعتدة بشبهة ، أو نكاح فاسد ، أو مستبرأة لعتق . وهذا المذهب . جزم به في المحرر ، والحاوي ، والوجيز ، والزركشي ، وتذكرة ابن عبدوس ، وغيرهم . وقدمه في الفروع . قال في الفروع : وظاهر كلام جماعة : لا يلزمها ذلك . قلت : وهو ظاهر كلام المصنف هنا . وقدمه في الرعايتين . وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله : لمن أراد ذلك وأنفق عليها . فله ذلك ، وإلا فلا . [ ص: 313 ] وسوى المصنف في العمدة بين من يمكن زوجها إمساكها والرجعية في نفقة وسكنى .

والثانية : لو كانت دار المطلق متسعة لهما ، وأمكنها السكنى في موضع منفرد كالحجرة ، وعلو الدار وبينهما باب مغلق : جاز . وسكن الزوج في الباقي كما لو كانا حجرتين متجاورتين . وإن لم يكن بينهما باب مغلق ، لكن لها موضع تستتر فيه بحيث لا يراها ، ومعها محرم تتحفظ به : جاز أيضا . وتركه أولى .

الثالث : لو غاب من لزمته السكنى لها ، أو منعها من السكنى : اكتراه الحاكم من ماله ، أو اقترض عليه ، أو فرض أجرته . وإن اكترته بإذنه ، أو إذن حاكم ، أو بدونها للعجز عن إذنه : رجعت . ومع القدرة على إذنه : فيه الخلاف السابق في أوائل باب الضمان . ولو سكنت في ملكها : فلها أجرته . ولو سكنته أو اكترت مع حضوره وسكوته : فلا أجرة لها .

الرابعة : حكم الرجعية في العدة : حكم المتوفى عنها زوجها . على الصحيح من المذهب . نص عليه في رواية أبي داود . وجزم به ابن عبدوس في تذكرته ، وغيره . وقاله القاضي في خلافه . وقدمه في المحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والقواعد الفقهية ، والفروع ، وغيرهم . وقيل : بل كالزوجة يجوز لها الخروج والتحول بإذن الزوج مطلقا .

الخامسة : ليس له الخلوة بامرأته البائن إلا مع زوجته أو أمته أو محرم أحدهما . قدمه في الفروع ، والرعاية الكبرى . وقيل : يجوز مع أجنبية فأكثر . [ ص: 314 ] قال في الترغيب : وأصله النسوة المنفردات : هل لهن السفر مع أمن بلا محرم ؟ قال في الرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير : وهل يجوز دخوله على البائن منه مع أجنبية ثقة ؟ فيه وجهان . قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : ويحرم سفره بأخت زوجته ولو معها . وقال في ميت عن امرأة ، شهد قوم بطلاقه ثلاثا مع علمهم عادة بخلوته بها : لا يقبل . لأن إقرارهم يقدح فيهم . ونقل ابن هانئ : يخلو إذا لم تشتهى ، ولا يخلو أجانب بأجنبية . قال في الفروع : ويتوجه وجه ، لقصة أبي بكر رضي الله عنه مع زوجته أسماء بنت عميس رضي الله عنها لما رأى جماعة من بني هاشم عندها . رواه مسلم ، والإمام أحمد رحمهما الله . وقال القاضي : من عرف بالفسق : منع من الخلوة بالأجنبية . قال في الفروع : كذا قال . والأشهر : تحرم مطلقا . وذكره جماعة إجماعا . قال ابن عقيل : ولو لإزالة شبهة ارتدت بها ، أو لتداو . وفي آداب عيون المسائل : { لا يخلون رجل بامرأة ليست له بمحرم إلا كان الشيطان ثالثهما . ولو كانت عجوزا شوهاء } . وقال في المغني لمن احتج بأن العبد محرم لمولاته بدليل نظره لا يلزم منه المحرمية ، بدليل القواعد من النساء ، وغير أولي الإربة . وفي المغني أيضا : لا يجوز إعارة أمة جميلة لرجل غير محرم ، إن كان يخلو بها ، أو ينظر إليها . لأنه لا يؤمن عليها . وكذا في الشرح إلا أنه اقتصر على عبارة المقنع بالكراهة . قال في الفروع : فحصل من النظر ما ترى . وقال الشارح ، كما هو ظاهر المغني : فإن كانت شوهاء أو كبيرة : فلا بأس لأنها لا يشتهى مثلها . وهذا إنما يكون مع الخلوة أو النظر كما ترى . [ ص: 315 ] قال في الفروع : وهذا في الخلوة غريب . وفي آداب صاحب النظم : تكره الخلوة بالعجوز . قال في الفروع : كذا قال . وهو غريب ولم يعزه . قال : وإطلاق كلام الأصحاب في تحريم الخلوة ، والمراد به : من لعورته حكم . فأما من لا عورة له ، كدون سبع : فلا تحريم . وسبق ذلك في الجنائز في تغسيل الأجنبي لأجنبية وعكسه . وتقدم في كتاب النكاح " هل يجوز النظر إلى هؤلاء ، أو إلى الأجنبية ، أم لا ؟ " .

السادسة : يجوز إرداف محرم . قال في الفروع : ويتوجه في غيرها مع الأمن ، وعدم سوء الظن : خلاف . بناء على أن إرادته عليه الصلاة والسلام إرداف أسماء رضي الله عنها مختص به . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية