صفحة جزء
قوله ( فأما الصبي والمجنون : فلا يصح إقرارهما ، إلا أن يكون الصبي مأذونا له في البيع والشراء . فيصح إقراره في قدر ما أذن له ، دون ما زاد ) وهذا المذهب مطلقا . نص عليه . وعليه جماهير الأصحاب . وقطع به أكثرهم . وقدمه في الفروع ، وغيره . [ ص: 129 ] وهو مقيد بما إذا قلنا بصحة تصرفه بإذن وليه . على ما مر في " كتاب البيع " . وقال أبو بكر ، وابن أبي موسى : لا يصح إقرار المأذون له إلا في الشيء اليسير . وأطلق في الروضة : صحة إقرار مميز . وقال ابن عقيل : في إقراره روايتان . أصحهما : يصح . نص عليه إذا أقر في قدر إذنه . وحمل القاضي إطلاق ما نقله الأثرم أنه لا يصح حتى يبلغ على غير المأذون . قال الأزجي : هو حمل بلا دليل . ولا يمتنع أن يكون في المسألة روايتان : الصحة ، وعدمها . وذكر الأدمي البغدادي : أن السفيه والمميز : إن أقرا بحد ، أو قود ، أو نسب ، أو طلاق : لزم . وإن أقرا بمال : أخذ بعد الحجر . قال في الفروع : كذا قال . وإنما ذلك في السفيه . وهو كما قال . قال في القواعد الأصولية : هو غلط . وتقدم بعض ذلك في كلام المصنف ، في آخر " باب الحجر " . فائدة

لو قال بعد بلوغه : لم أكن حال إقراري ، أو بيعي ، أو شرائي ، ونحوه بالغا . فقال في المغني ، والشرح : لو أقر مراهق مأذون له ، ثم اختلف هو والمقر له في بلوغه : فالقول قوله ، إلا أن تقوم بينة ببلوغه . ولا يحلف إلا أن يختلفا بعد ثبوت بلوغه . فعليه اليمين : أنه حين أقر لم يكن بالغا . قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ويتوجه وجوب اليمين عليه . [ ص: 130 ] قال في الكافي : فإن قال " أقررت قبل البلوغ " فالقول قوله مع يمينه ، إذا كان اختلافهما بعد بلوغه . قال في الرعاية : فإن بلغ ، وقال " أقررت وأنا غير مميز " صدق إن حلف . وقيل : لا . فجزم المصنف في كتابيه : بأن القول قول الصبي في عدم البلوغ . وقدمه في الرعايتين ، والحاوي الصغير . والصواب : أنه لا يقبل قوله . وتقدم نظير ذلك في الخيار ، عند قوله " وإن اختلفا في أجل أو شرط فالقول قول من ينفيه " . وقدم في الفروع هناك : أنه لا يقبل قوله في دعوى ذلك . والله أعلم . وأطلق الخلاف هناك . وتقدم نظير ذلك : في الضمان أيضا إذا ادعى : أنه ضمن قبل بلوغه . قال ابن رجب في قواعده : لو ادعى البالغ : أنه كان صبيا حين البيع ، أو غير مأذون له أو غير ذلك ، وأنكر المشتري : فالقول قول المشتري على المذهب . ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله في صورة دعوى الصغير ، في رواية ابن منصور . لأن الظاهر وقوع العقود على وجه الصحة دون الفساد . وإن كان الأصل عدم البلوغ والإذن . قال : وذكر الأصحاب وجها آخر في دعوى الصغير : أنه يقبل . لأنه لم يثبت تكليفه . والأصل عدمه . بخلاف دعوى عدم الإذن من المكلف . فإن المكلف لا يتعاطى في الظاهر إلا الصحيح . قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : وهكذا يجيء في الإقرار وسائر التصرفات إذا اختلفا : هل وقعت قبل البلوغ ، أو بعده ؟ . وقد سئل عمن أسلم أبوه ، فادعى : أنه بالغ ؟ فأفتى بعضهم بأن القول قوله . [ ص: 131 ] وأفتى الشيخ تقي الدين رحمه الله : بأنه إذا كان لم يقر بالبلوغ إلى حين الإسلام ، فقد حكم بإسلامه قبل الإقرار بالبلوغ . بمنزلة ما إذا ادعت انقضاء العدة بعد أن ارتجعها . قال : وهذا يجيء في كل من أقر بالبلوغ بعد حق ثبت في حق الصبي ، مثل الإسلام ، وثبوت أحكام الذمة تبعا لأبيه ، أو لو ادعى البلوغ بعد تصرف الولي وكان رشيدا ، أو بعد تزويج ولي أبعد منه . انتهى .

وقال في الفروع : وإن قال " لم أكن بالغا " فوجهان . وإن أقر وشك في بلوغه ، فأنكره : صدق بلا يمين . قاله في المغني ، ونهاية الأزجي ، والمحرر . لحكمنا بعدمه بيمينه . ولو ادعاه بالسن قبل ببينة . وقال في الترغيب : يصدق صبي ادعى البلوغ بلا يمين . ولو قال " أنا صبي " لم يحلف وينتظر بلوغه . وقال في الرعاية : من أنكره ، ولو كان أقر . أو ادعاه وأمكنا : حلف إذا بلغ . وقال في عيون المسائل : يصدق في سن يبلغ في مثله ، وهو تسع سنين . ويلزمه بهذا البلوغ ما أقر به . قال : وعلى قياسه الجارية . وإن ادعى : أنه أنبت بعلاج ودواء لا بالبلوغ : لم يقبل . ذكره المصنف في فتاويه . انتهى ما نقله في الفروع . وقال في الرعاية : ويصح إقرار المميز بأنه قد بلغ بعد تسع سنين ، ومثله يبلغ لذلك . وقيل : بل بعد عشر . وقيل : بل بعد ثنتي عشرة سنة . [ ص: 132 ] وقيل : بل بالاحتلام فقط . وقال في التلخيص : وإن ادعى أنه بلغ بالاحتلام في وقت إمكانه : صدق . ذكره القاضي . إذ لا يعلم إلا من جهته . وإن ادعاه بالسن : لم يقبل إلا ببينة . وقال الناظم : يقبل إقراره أنه بلغ إذا أمكن . وقال في المستوعب : فإن أقر ببلوغه ، وهو ممن يبلغ مثله كابن تسع سنين فصاعدا صح إقراره وحكمنا ببلوغه . ذكره القاضي ، واقتصر عليه . قلت : الصواب قبول قوله في الاحتلام إذا أمكن . والصحيح : أن أقل إمكانه عشر سنين على ما تقدم فيما يلحق من النسب وعدم قبول قوله في السن إلا ببينة . وأما بنبات الشعر : فبشاهد .

فائدة

لو ادعى أنه كان مجنونا : لم يقبل إلا ببينة . على الصحيح من المذهب . وذكر الأزجي : يقبل أيضا إن عهد منه جنون في بعض أوقاته وإلا فلا . قال في الفروع : ويتوجه قبوله ممن غلب عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية