صفحة جزء
( وتجب رجعتها ) على الأصح ( فيه ) أي في الحيض رفعا للمعصية [ ص: 234 ] ( فإذا طهرت ) طلقها ( إن شاء ) أو أمسكها ، قيد بالطلاق لأن التخيير والاختيار والخلع في الحيض لا يكره مجتبى والنفاس كالحيض جوهرة .


( قوله وتجب رجعتها ) أي الموطوءة المطلقة في الحيض ( قوله على الأصح ) مقابله قول القدوري إنها مستحبة لأن المعصية وقعت فتعذر ارتفاعها ، ووجه الأصح قوله صلى الله عليه وسلم لعمر في حديث ابن عمر في الصحيحين { مر ابنك فليراجعها } حين طلقها في حالة الحيض ، فإنه يشتمل على وجوبين : صريح وهو الوجوب على عمر أن يأمر وضمني وهو ما يتعلق بابنه عند توجيه الصيغة إليه فإن عمر نائب فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو كالمبلغ ، وتعذر ارتفاع المعصية لا يصلح صارفا للصيغة عن الوجوب لجواز إيجاب رفع أثرها وهو العدة وتطويلها إذ بقاء الشيء بقاء ما هو أثره من وجه فلا تترك الحقيقة ، وتمامه في الفتح ( قوله رفعا للمعصية ) بالراء ، وهي أولى من نسخة الدال ط أي لأن الدفع بالدال لما لم يقع والرفع بالراء للواقع والمعصية هنا [ ص: 234 ] وقعت ، والمراد رفع أثرها وهو العدة وتطويلها كما علمت لأن رفع الطلاق بعد وقوعه غير ممكن .

( قوله فإذا طهرت طلقها إن شاء ) ظاهر عبارته أنه يطلقها في الطهر الذي طلقها في حيضه ، وهو موافق لما ذكره الطحاوي ، وهو رواية عن الإمام لأن أثر الطلاق انعدم بالمراجعة فكأنه لم يطلقها في هذه الحيضة فيسن تطليقها في طهرها لكن المذكور في الأصل وهو ظاهر الرواية كما في الكافي وظاهر المذهب ، وقول الكل كما في فتح القدير إنه إذا راجعها في الحيض أمسك عن طلاقها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر فيطلقها ثانية . ولا يطلقها في الطهر الذي يطلقها في حيضه لأنه بدعي ، كذا في البحر والمنح ، وعبارة المصنف تحتمله . ا هـ . ح . ويدل لظاهر الرواية حديث الصحيحين { مر ابنك فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر ، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها قبل أن يمسها فتلك العدة كما أمر الله عز وجل } بحر . قال في الفتح : ويظهر من لفظ الحديث تقييد الرجعة بذلك الحيض الذي أوقع فيه ، وهو المفهوم من كلام الأصحاب إذا تؤمل .

فلو لم يفعل حتى طهرت تقررت المعصية . ا هـ . وقد يقال : هذا ظاهر على رواية الطحاوي ، أما على المذهب فينبغي أن لا تقرر المعصية حتى يأتي الطهر الثاني بحر قلت : وفيه نظر ، فإنه حيث كان ذلك هو المفهوم من حديث وكلام الأصحاب يحمل المذهب عليه ، فتأمل ( قوله قيد بالطلاق ) أي في قوله أو في حيض موطوءة ، والمراد أيضا بالطلاق الرجعي احتراز عن البائن فإنه بدعي في ظاهر الرواية وإن كان في الطهر كما مر ( قوله لأن التخيير إلخ ) أي قوله لها اختاري نفسك وهي حائض وكذا لو اختارت نفسها قال في الذخيرة عن المنتقى : ولا بأس بأن يجلعها في الحيض إذا رأى منها ما يكره ولا بأس بأن يخيرها في الحيض ولا بأس بأن تختار نفسها في الحيض ، ولو أدركت فاختارت نفسها فلا بأس للقاضي أن يفرق بينهما في الحيض . ا هـ . وفي البدائع : وكذا إذا أعتقت فلا بأس بأن تختار نفسها وهي حائض وكذا امرأة العنين ا هـ وكذا الطلاق على مال لا يكره في الحيض كما صرح به في البحر عن المعراج .

والمراد بالخلع ما إذا كان خلعا بمال ، لما قدمناه عن المحيط من تعليل عدم كراهته بأنه لا يمكن تحصيل العوض إلا به . وفي الفتح : من فصل المشيئة عن الفوائد الظهيرية : لو قال لها : طلقي نفسك من ثلاث ما شئت فطلقت نفسها ثلاثا على قولهما أو ثنتين على قول لا يكره لأنها مضطرة ، فإنها لو فرقت خرج الأمر من يدها . ا هـ . ( قوله لا يكره ) لأن علة الكراهة دفع الضرر عنها بتطويل العدة لأن الحيطة التي وقع فيها الطلاق لا تحسب من العدة ولا بالاختيار والخلع قد رضيت بذلك رحمتي . وفيه أنه لا يلزم حل الطلاق مطلقا في الحيض إذا رضيت به مع أن إطلاقهم الكراهة ينافيه فالأظهر تعليل الخلع والطلاق بعوض بما مر عن المحيط ، وبأن التخيير ليس طلاقا بنفسه لأنه لا تطلق ما لم تختر نفسها فصارت كأنها أوقعت الطلاق على نفسها في الحيض ، والممنوع هو الرجل لا هي أو القاضي ، هذا ما ظهر لي فتأمل .

( قوله والنفاس كالحيض ) قال في البحر ، ولما كان المنع منه الطلاق في الحيض لتطويل العدة عليها كان النفاس مثله كما في الجوهرة

التالي السابق


الخدمات العلمية