صفحة جزء
[ ص: 3 ] بسم الله الرحمن الرحيم باب خيار العيب هو لغة ما يخلو عنه أصل الفطرة السليمة . [ ص: 4 ] وشرعا ما أفاده بقوله [ ص: 5 ] ( من وجد بمشريه ما ينقص الثمن ) ولو يسيرا جوهرة ( عند التجار )

المراد أرباب المعرفة بكل تجارة وصنعة قاله المصنف ( أخذه بكل الثمن أو رده ) [ ص: 6 ] ما لم يتعين إمساكه كحلالين أحرما أو أحدهما . وفي المحيط : وصي أو وكيل أو عبد مأذون شرى شيئا بألف وقيمته ثلاث آلاف لم يرده بعيب للإضرار بيتيم وموكل ومولى ، بخلاف خيار الشرط والرؤية أشباه . وفي النهر : وينبغي الرجوع بالنقصان كوارث اشترى من التركة كفنا ووجد به عيبا ، ولو تبرع بالكفن أجنبي لا يرجع ، [ ص: 7 ] وهذه إحدى ست مسائل لا رجوع فيها بالنقصان مذكورة في البزازية ، وذكرنا في شرحنا للملتقى معزيا للقنية أنه قد يرد بالعيب ولا يرجع بالثمن ( كالإباق ) إذا أبق من المشتري إلى البائع في البلدة [ ص: 8 ] ولم يختف عنده فإنه ليس بعيب .

واختلف في الثور ، والأحسن أنه عيب ، وليس للمشتري مطالبة البائع بالثمن قبل عوده من الإباق ابن ملك قنية ( والبول في الفراش والسرقة ) إلا إذا سرق شيئا للأكل من المولى أو يسيرا كفلس أو فلسين ; ولو سرق عند المشتري أيضا فقطع رجع بربع الثمن لقطعه بالسرقتين جميعا ; ولو رضي البائع بأخذه رجع بثلاثة أرباع ثمنه عيني ( وكلها تختلف صغرا ) أي من التمييز وقدروه بخمس سنين ، أو أن يأكل ويلبس وحده ، وتمامه في الجوهرة فلو لم يأكل ولم يلبس وحده لم يكن عيبا ابن ملك ( وكبرا ) ; لأنها في الصغر [ ص: 9 ] لقصور عقل وضعف مثانة عيب ، وفي الكبر لسوء اختيار وداء باطن عيب آخر ، فعند اتحاد الحالة بأن ثبت إباقه عند بائعه ثم مشتريه كلاهما في صغره أو كبره له الرد لاتحاد السبب ، وعند الاختلاف لا لكونه عيبا حادثا كعبد حم عند بائعه ثم حم عند مشتريه ، إن من نوعه له رده وإلا لا عيني .

بقي لو وجده يبول ثم تعيب حتى رجع بالنقصان ثم بلغ هل للبائع أن يسترد النقصان لزوال ذلك العيب بالبلوغ ينبغي نعم فتح .


[ ص: 3 ] بسم الله الرحمن الرحيم باب خيار العيب تقدم وجه ترتيب الخيارات ، والإضافة فيه من إضافة الشيء إلى سببه ، والعيب والعيبة والعاب بمعنى واحد ، يقال عاب المتاع : أي صار ذا عيب وعابه زيد يتعدى ولا يتعدى فهو معيب ومعيوب أيضا على الأصل ` ا هـ فتح . ثم إن خيار العيب يثبت بلا شرط ، ولا يتوقت ، ولا يمنع وقوع الملك للمشتري ، ويورث ، ويثبت في الشراء والمهر وبدل الخلع وبدل الصلح عن دم العمد ، وفي الإجارة ولو حدث بعد العقد والقبض ، بخلاف البيع ، وفي القسمة والصلح عن المال وبسط ذلك في جامع الفصولين . ( قوله ما يخلو عنه أصل الفطرة السليمة ) زاد في الفتح مما يعد به ناقصا . ا هـ أي ; لأن ما لا ينقصه لا يعد عيبا . قال في الشرنبلالية : والفطرة الخلقة التي هي أساس الأصل ألا ترى أنه لو قال بعتك هذه الحنطة وأشار إليها فوجدها المشتري رديئة لم يكن علمها ليس له خيار الرد بالعيب ; لأن الحنطة تخلق جيدة [ ص: 4 ] ورديئة ووسطا ، والعيب ما يخلو عنه أصل الفطرة السليمة عن الآفات العارضة لها ، فالحنطة المصابة بهواء منعها تمام بلوغها الإدراك حتى صارت رقيقة الحب معيبة كالعفن والبلل والسوس . ا هـ

قلت : وعن هذا قال في جامع الفصولين : لا يرد البر برداءته ; لأنها ليست بعيب ويرد المسوس والعفن ، وكذا لا يرد إناء فضة برداءته بلا غش ، وكذا الأمة لا ترد بقبح الوجه وسواده ، ولو كانت محترقة الوجه لا يستبين لها قبح ولا جمال فله ردها . ا هـ وفيه واقعة ، شرى فرسا فوجده كبير السن ، قيل ينبغي أن لا يكون له الرد إلا إذا شراه على أنه صغير السن ، لما مر من مسألة حمار وجده بطيء السير . ا هـ ( قوله وشرعا ما أفاده إلخ ) أي المراد في عرف أهل الشرع بالعيب الذي يرد به المبيع ما ينقص الثمن أي الذي اشترى به كما في الفتح ، قال ; لأن ثبوت الرد بالعيب لتضرر المشتري وما يوجب نقصان الثمن يتضرر به . ا هـ وعبارة الهداية : وما أوجب نقصان الثمن في عادة التجار فهو عيب ; لأن التضرر بنقصان المالية وذلك بانتقاص القيمة . ا هـ ومفاده أن المراد بالثمن القيمة ; لأن الثمن الذي اشتراه به قد يكون أقل من قيمته بحيث لا يؤدي نقصانها بالعيب إلى نقصان الثمن به . والظاهر أن الثمن لما كان في الغالب مساويا للقيمة عبروا به تأمل . والضابط عند الشافعية أنه المنقص للقيمة أو ما يفوت به غرض صحيح بشرط أن يكون الغالب في أمثال المبيع عدمه ، فأخرجوا بفوات الغرض الصحيح ما لو بان فوات قطعة يسيرة من فخذه أو ساقه ، بخلاف ما لو قطع من أذن الشاة ما يمنع التضحية فله ردها ، وبالغالب ما لو كانت الأمة ثيبا مع أن الثيابة تنقص القيمة لكنه ليس الغالب عدم الثيابة . ا هـ قال في البحر : وقواعدنا لا تأباه للمتأمل . ا هـ .

قلت : ويؤيده ما في الخانية : وجد الشاة مقطوعة الأذن إن اشتراها للأضحية له الرد ، وكذا كل ما يمنع التضحية وإن لغيرها فلا ما لم يعده الناس عيبا ، والقول للمشتري أنه اشتراها للأضحية لو في زمانها وكان من أهل أن يضحي . ا هـ . وكذا ما في البزازية : اشترى شجرة ليتخذ منها الباب فوجدها بعد القطع لا تصلح لذلك رجع بالنقص إلا أن يأخذ البائع الشجرة كما هي ا هـ فقد اعتبر عدم غرض المشتري عيبا موجبا للرد ولكنه يرجع بالنقص ; لأن القطع مانع من الرد .

وفيها أيضا : اشترى ثوبا أو خفا أو قلنسوة فوجده صغيرا له الرد . ا هـ أي لا يصلح لغرضه : وفيها : لو كانت الدابة بطيئة السير لا يرد إلا إذا شرط أنها عجول . ا هـ أي ; لأن بطء السير ليس الغالب عدمه ، فإن كلا من البطء والعجلة يكون في أصل الفطرة السليمة . وفيها : اشترى دابة فوجدها كبيرة السن ليس له الرد إلا إذا شرط صغرها وسيأتي أن الثيوبة ليست بعيب إلا إذا شرط عدمها أي فله الرد لفقد الوصف المرغوب ، وبما ذكرنا من الفروع ظهر أن قولهم في ضابط العيب ما ينقص الثمن عند التجار مبني على الغالب وإلا فهو غير جامع وغير مانع . أما الأول فلأنه لا يشمل مسألة الشجرة والثوب والخف والقلنسوة وشاة الأضحية ; لأن ذلك وإن لم يصلح لهذا المشتري يصلح لغيره فلا ينقص الثمن مطلقا . وأما الثاني ; فلأنه يدخل فيه مسألة الدابة والأمة الثيب فإن ذلك ينقص الثمن مع أنه غير [ ص: 5 ] عيب ، فعلم أنه لا بد من تقييد الضابط بما ذكره الشافعية . والظاهر أنهم لم يقصدوا حصر العيب فيما ذكر ; لأن عبارة الهداية والكنز ، وما أوجب نقصان الثمن عند التجار فهو عيب ، فإن هذه العبارة لا تدل على أن غير ذلك لا يسمى عيبا ، فاغتنم هذا التحرير .

ثم اعلم أنه لا بد أن يكون العيب في نفس المبيع ، لما في الخانية وغيرها : رجل باع سكنى له في حانوت لغيره فأخبر المشتري أن أجرة الحانوت كذا فظهر أنها أكثر قالوا ليس له الرد بهذا السبب ; لأن هذا ليس بعيب في المبيع . ا هـ

قلت : المراد بالسكنى ما يبنيه المستأجر في الحانوت ويسمى في زماننا بالكدك كما مر أول البيوع ، لكنه اليوم تختلف قيمته بكثرة أجرة الحانوت وقلتها ، فينبغي أن يكون ذلك عيبا تأمل . ( قوله من وجد بمشريه إلخ ) أطلقه فشمل ما إذا كان به عند البيع أو حدث بعده في يد البائع بحر ، بخلاف ما إذا كان قبله وزال ثم عاد عند المشتري ; لما في البزازية : لو كان به عرج فبرئ بمعالجة البائع ثم عاد عند المشتري لا يرده ، وقيل يرده إن عاد بالسبب الأول .

[ تنبيه ] لا بد في العيب أن لا يتمكن من إزالته بلا مشقة فخرج إحرام الجارية ، ونجاسة ثوب لا ينقص بالغسل لتمكنه من تحليلها وغسله ، وأن يكون عند البائع ولم يعلم به المشتري ، ولم يكن البائع شرط البراءة منه خاصا أو عاما ولم يزل قبل الفسخ كبياض انجلى وحمى زالت نهر ، فالقيود خمسة ، وجعلها في البحر ستة فقال : الثاني أن لا يعلم به المشتري عند البيع . الثالث أن لا يعلم به عند القبض وهي في الهداية ا هـ لكن قال في الشرنبلالية إنه يقتضي أن مجرد الرؤية رضا ويخالفه قول الزيلعي : ولم يوجد من المشتري ما يدل على الرضا به بعد العلم بالعيب . ا هـ وكذا قول المجمع ولم يرض به بعد رؤيته . ا هـ

قلت : صرح في الذخيرة بأن قبض المبيع مع العلم بالعيب رضا بالعيب ، فما في الزيلعي والمجمع لا يخالف ما مر عن الهداية ، ; لأن ذاك جعل نفس القبض بعد رؤية العيب رضا وما في الزيلعي صادق عليه ، ويدل عليه أن الزيلعي قال : والمراد به عيب كان عند البائع وقبضه المشتري من غير أن يعلم به ولم يوجد من المشتري ما يدل على الرضا به بعد العلم بالعيب ، فقوله : وقبضه إلخ يدل على أنه لو قبضه عالما بالعيب كان قبضه رضا ، فقوله ولم يوجد من المشتري إلخ أعم مما قبله ، أو أراد به ما لو علم بالعيب بعد القبض .

[ تتمة ]

في جامع الفصولين : لو علم المشتري إلا أنه لم يعلم أنه عيب ثم علم ينظر ، إن كان عيبا بينا لا يخفى على الناس كالغدة ونحوها لم يكن له الرد ، وإن خفي فله الرد ، ويعلم منه كثير من المسائل . ا هـ وفي الخانية : إن اختلف التجار فقال بعضهم : إنه عيب وبعضهم لا ليس له الرد إذا لم يكن عيبا بينا عند الكل . ا هـ ( قوله ولو يسيرا ) في البزازية اليسير ما يدخل تحت تقويم المقومين ، وتفسيره أن يقوم سليما بألف ومع العيب بأقل ، وقومه آخر مع العيب بألف أيضا . والفاحش ما لو قوم سليما بألف وكل قوموه مع العيب بأقل . ا هـ ( قوله بكل تجارة ) الأولى من كل تجارة . قال ح : يعني أنه يعتبر في كل تجارة أهلها وفي كل صنعة أهلها ( قوله أخذه بكل الثمن أو رده ) أطلقه فشمل ما إذا رده فورا أو بعد مدة ; لأنه على التراخي كما سيذكره المصنف . ونقل ابن الشحنة [ ص: 6 ] عن الخانية : لو علم بالعيب قبل القبض فقال أبطلت البيع بطل لو بحضرة البائع ، وإن لم يقبل ولو في غيبته لا يبطل إلا بقضاء أو رضا . ا هـ وفي جامع الفصولين : ولو رده بعد قبضه لا ينفسخ إلا برضا البائع أو بحكم . قال الرملي : وقوله إلا برضا البائع يدل على أنه لو وجد الرضا بالفعل كتسلمه من المشتري حين طلبه الرد ينفسخ البيع ; لأن من المقرر عندهم أن الرضا يثبت تارة بالقول وتارة بالفعل ; وقدم في بيع التعاطي : لو ردها بخيار عيب ، والبائع متيقن أنها ليست فأخذها ورضي فهي بيع بالتعاطي كما في الفتح وفيه أيضا أن المعنى يقوم مقام اللفظ في البيع ونحوه . ا هـ . وأما ما يقع كثيرا من أنه إذا اطلع على عيب يرد المبيع إلى منزل البائع ويقول دونك دابتك لا أريدها فليس برد ، وتهلك على المشتري ولو تعهدها البائع حيث لم يوجد بينهما فسخ قولا أو فعلا ( قوله ما لم يتعين إمساكه ) قيد للتخيير بين الأخذ والرد ، فإذا وجد ما يمنع الرد تعين الأخذ ، لكن في بعض الصور يرجع بنقصان العيب ، وفي بعضها لا يرجع كما يأتي قريبا ، وكذا سيأتي عند قول المصنف : حدث عيب آخر عند المشتري رجع بنقصانه .

ومما يمنع الرد ما في الذخيرة : اشترى من آخر عبدا وباعه من غيره ثم اشتراه من ذلك الغير فرأى عيبا كان عند البائع الأول لم يرده على الذي اشتراه منه ; لأنه غير مفيد ، إذ لو رده يرده الآخر عليه ، ولا على البائع الأول ; لأن هذا الملك غير مستفاد من جهته . ا هـ ، ولو وهبه البائع الثمن ثم وجد بالمبيع عيبا ، قيل : لا يرد ، وقيل : يرد ، ولو قبل القبض يرده اتفاقا خانية ، ثم جزم بالقول الثاني ، وجزم في البزازية بالأول . ومن ذلك ما في كافي الحاكم اشتريا جارية فوجدا بها عيبا فرضي أحدهما لم يكن للآخر ردها عنده وله رد حصته عندهما .

( قوله كحلالين أحرما أو أحدهما ) يعني إذا اشترى أحد الحلالين من الآخر صيدا ثم أحرما أو أحدهما ثم وجد المشتري به عيبا امتنع رده ورجع بالنقصان . ا هـ ح عن البحر ، فالمراد بتعين إمساكه عدم رده على البائع ، فلا ينافي وجوب إرساله كما مر في الحج ( قوله وقيمته ثلاثة آلاف ) الظاهر أن المدار على الزيادة التي تركها يكون مضرا . ا هـ ط ( قوله الإضرار إلخ ) قلت : قد يكون العيب مرضا يفضي إلى الهلاك فيجب أن يستثنى مقدسي ، وفيه نظر ; لأن فرض المسألة فيما قيمته زائدة على ثمنه مع وجود ذلك العيب فيه ، ومثله لا يكون عيبه مفضيا إلى الهلاك تأمل ( قوله بخلاف خيار الشرط والرؤية ) أي حيث يكون لهم الرد لعدم تمام الصفقة كما في البحر ح ( قوله وينبغي الرجوع بالنقصان ) عبارة النهر وفي مهر فتح القدير : لو اشترى الذمي خمرا وقبضها وبها عيب ثم أسلم سقط خيار الرد . ا هـ . وفي المحيط : وصي أو وكيل إلخ ثم قال في النهر : وينبغي الرجوع بالنقصان كما في المسألتين . ا هـ أي مسألة مهر الفتح ومسألة المحيط ( قوله كوارث إلخ ) أي فإنه يمتنع الرد ويرجع بالنقصان كما في البحر ح ( قوله اشترى من التركة ) أي بثمن من تركة الميت ( قوله لا يرجع ) أي الأجنبي على بائعه قال في السراج ; لأنه لما اشترى الثوب ملكه [ ص: 7 ] وبالتكفين يزول ملكه عنه . وزوال الملك بفعل مضمون يسقط الأرش . وأما ما في الوجه الأول فإن مقدار الكفن لا يملكه الوارث من التركة ، فإذا اشتراه وكفن به لم ينتقل بالتكفين عن الملك الذي أوجبه العقد ، وقد تعذر فيه الرد فرجع بالأرش . ا هـ ومثله في الذخيرة ( قوله وهذه إحدى ست مسائل إلخ ) تبع في ذلك صاحب النهر حيث قال : لا يرجع بالنقصان في مسائل ، ثم نقل ست مسائل عن البزازية ليس فيها التصريح بعدم الرجوع إلا في مسألة واحدة ، وهي لو باع الوارث من مورثه فمات المشتري وورثه البائع ووجد به عيبا رد إلى الوارث الآخر إن كان ، فإن لم يكن له سواه لا يرده ولا يرجع بالنقصان فافهم .

وزاد في البحر مسألة أخرى عن المحيط : لو اشترى المولى من مكاتبه فوجد عيبا لا يرد ولا يرجع ولا يخاصم بائعه لكونه عبده . ا هـ وسيأتي مسائل أخر في الشرح والمتن عند قول المصنف حدث عيب آخر عند المشتري رجع بنقصانه إلخ . وذكر الشارح في كتاب الغصب مسألة أخرى عند قول المصنف خرق ثوبا ، وهي ما لو شرى حياصة فضة مموهة بالذهب بوزنها فضة فزال تمويهها عند المشتري ثم وجد بها عيبا فلا رجوع بالعيب القديم لتعيبها بزوال التمويه ولا بالنقصان للزوم الربا . ومنها ما في البزازية : كل تصرف يدل على الرضا بالعيب بعد العلم به يمنع الرد والرجوع بالنقص ( قوله معزيا للقنية ) قال فيها : وفي تتمة الفتاوى الصغرى : باع عبدا وسلمه ووكل رجلا بقبض ثمنه فقال الوكيل : قبضته فضاع أو دفعته إلى الآمر وجحد الآمر كله فالقول للوكيل مع يمينه وبرئ المشتري من الثمن ، فلو وجد به عيبا ورده لا يرجع بالثمن على البائع لعدم ثبوت القبض في زعمه ، لا على الوكيل ; لأنه لا عقد بينهما ، وإنما هو أمين في قبض الثمن ، وإنما يصدق في دفع الضمان عن نفسه ، قال رضي الله عنه : وعرف به أنه إذا صدق الآمر الوكيل في الدفع إليه يرجع المشتري بعد الرد بالعيب بالثمن على الآمر دون القابض . ا هـ ح ( قوله كالإباق ) بالكسر اسم ، يقال أبق أبقا من باب تعب وقتل وضرب ، وهو الأكثر كما في المصباح . وفي الجوهرة عن الثعالبي : الآبق الهارب من غير ظلم السيد ، فلو من ظلمه سمي هاربا فعلى هذا : الإباق عيب لا الهرب ، أطلقه فشمل ما لو كان من المولى أو من مودعه أو المستعير منه أو المستأجر ، وما إذا كان مسيرة سفر أو لا ، خرج من البلدة أو لا . قال الزيلعي : والأشبه أن البلدة لو كبيرة كالقاهرة كان عيبا وإلا لا بأن كان لا يخفى عليه أهلها أو بيوتها فلا يكون عيبا نهر ، ويأتي أنه لا بد من تكرره بأن يوجد عند البائع وعند المشتري ( قوله إلا إذا أبق من المشتري إلى البائع ) وكذا لو أبق من الغاصب إلى المولى أو إلى غيره إذا لم يعرف بيت المالك ، أو لم يقو على الرجوع . إليه نهر ( قوله في البلدة ) قيد به لما في النهر عن القنية : لو أبق من قرية [ ص: 8 ] المشتري إلى قرية البائع يكون عيبا .

( قوله ولم يختف ) فلو اختفى عند البائع يكون عيبا ; لأنه دليل التمرد ( قوله والأحسن أنه عيب ) وقيل لا مطلقا ، وقيل إن دام على هذا الفعل فعيب لا لو مرتين أو ثلاثا ، والظاهر أن غير الثور من البهائم كالثور ط ( قوله قبل عوده من الإباق ) ومثله قبل موته كما في البحر ، فإن مات آبقا يرجع بنقصان العيب كما في الهندية ، ومؤنة الرد على المشتري فيما له حمل ومؤنة بحر . ويرده في موضع العقد زادت قيمته أو نقصت ، أو في موضع التسليم لو اختلف عن موضع العقد كما في الخانية سائحاني ( قوله ابن ملك قنية ) في بعض النسخ وقنية بزيادة واو العطف وهي أحسن ، وذكر المسألة أيضا في البحر عن جامع الفصولين ( قوله والسرقة ) سواء أوجبت قطعا أو لا كالنباش والطرار وأسبابها في حكمها ، كما إذا نقب البيت ، وإطلاقهم يعم الكبرى كما في الظهيرية ح عن النهر ( قوله إلا إذا سرق شيئا للأكل من المولى ) أي فإنه لا يكون عيبا ، بخلاف ما إذا سرق ليمنعه أو سرقه من غير المولى ليأكله فإنه عيب فيهما بحر فافهم ، وظاهره قصر ذلك على المأكول ، ويفيده قول البزازية : وسرقة النقد مطلقا عيب وسرقة المأكولات للأكل من المولى لا يكون عيبا . قال في النهر : وينبغي أنه لو سرق من المولى زيادة على ما يأكله عرفا يكون عيبا ( قوله أو يسيرا كفلس أو فلسين ) جزم به الزيلعي ، وظاهر ما في المعراج أنها قويلة وأن المذهب الإطلاق ، وعلى هذا القول ما دون الدرهم كذلك كما ذكره فيه بحر ( قوله ولو سرق إلخ ) ستأتي هذه المسألة أواخر الباب عند قول المصنف قتل المقبوض أو قطع إلخ ، وهي مذكورة في الهداية ( قوله أيضا ) أي بعدما سرق عند البائع ( قوله رجع بربع الثمن ) سواء كانت السرقة متكررة عندهما ، أو اتحدت عند أحدهما وتكررت عند الآخر كما يفيده التعليل .

ووجه الرجوع بالربع أن دية اليد في الحر نصف دية النفس ، وفي الرقيق نصف القيمة ، وقد تلف هذا النصف بسببين : تحقق أحدهما عند البائع والآخر عند المشتري فينتصف الموجب فيرجع بنصف النصف وهو الربع ، وأطلق فيه فشمل ما إذا طلب رب المال المسروق في السرقتين أو في إحداهما دون الأخرى ، وهذا التعليل يفيد اعتبار القيمة لا الثمن . وقد يقال : إنما عبر به نظرا إلى أن الغالب أن الثمن قدر القيمة ط ( قوله رجع بثلاثة أرباع ثمنه ) أي رجع المشتري عليه بذلك ; لأن ربع الثمن سقط عن البائع بالسرقة الثانية .

( قوله أو أن يأكل إلخ ) قال في النهر : وفسره أي التمييز بعضهم بأن يأكل ويشرب ويستنجي وحده ، وهذا يقتضي أن يكون ابن سبع ; لأنهم قدروه بذلك في الحضانة ، لكن وقع التصريح في غير موضع بتقديره بخمس سنين فما فوقها ، وما دون ذلك لا يكون عيبا . ا هـ

قلت : والفرق بين البابين أن المدار هنا على الإدراك وهناك على الاستغناء عن النساء تأمل . ( قوله وتمامه في الجوهرة ) لم أر فيها زيادة على ما هنا إلا أنه ذكر فيها التقدير الأول عند قوله والبول في الفراش ، والثاني عند قوله والسرقة ، وظاهر البحر وغيره عدم الفرق بين الموضعين ( قوله ; لأنها ) أي هذه العيوب الثلاثة [ ص: 9 ] قوله لقصور عقل ) يرجع إلى الإباق والسرقة ، كما أن قوله بعده لسوء اختيار يرجع إليهما أيضا ط ( قوله فعند اتحاد الحالة إلخ ) تفريع على اختلافها صغرا وكبرا ( قوله بأن ثبت إباقه ) أي أو بوله أو سرقته ( قوله عند بائعه ) أو عند بائع بائعه ( قوله ثم مشتريه ) أفاد أنه لو ثبت عند البائع ولم يعد عند المشتري لا يرد ، وهو الصحيح كما في جامع الفصولين ( قوله إن من نوعه ) بأن حم في الوقت الذي كان يحم فيه عند البائع كما في النهر ح ( قوله لو وجده يبول ) أي وهو صغير وثبت بوله عند بائعه أيضا ( قوله حتى رجع بالنقصان ) أي نقصان البول ، ; لأنه بالعيب الحادث امتنع الرد ، فتعين الرجوع بالنقصان . والظاهر أن العيب الحادث غير قيد ، بل مثله ما لو أراد الرد فصالحه البائع عن العيب على شيء معلوم .

ثم رأيت في النهر عن الخانية : اشترى جارية وادعى أنها لا تحيض واسترد بعض الثمن ثم حاضت ، قالوا : إن كان البائع أعطاه على وجه الصلح عن العيب كان للبائع أن يسترد ذلك . ا هـ وسيأتي آخر الباب تقييد الشارح ذلك بما إذا زال العيب بلا علاجه ( قوله ينبغي نعم ) نقل ذلك في الفتح عن والد صاحب الفوائد الظهيرية ، وأنه قال لا رواية فيه ، وأنه استدل لذلك بمسألتين : إحداهما إذا اشترى جارية ذات زوج كان له ردها ، ولو تعيبت بعيب آخر رجع بالنقصان ; فلو أبانها زوجها كان للبائع أن يسترد النقصان لزوال ذلك العيب ، فكذا فيما نحن فيه والثانية إذا اشترى عبدا فوجده مريضا كان له الرد ، ولو تعيب بعيب آخر رجع بالنقصان ، فإذا رجع ثم برئ بالمداواة لا يسترد وإلا استرد ، والبلوغ هنا لا بالمداواة فينبغي أن يسترد . ا هـ

التالي السابق


الخدمات العلمية