صفحة جزء
( وكذا تجب مطابقة الشهادتين لفظا ومعنى ) إلا في اثنتين وأربعين مسألة مبسوطة في البحر وزاد ابن المصنف في حاشيته على الأشباه ثلاثة عشر أخر تركتها خشية التطويل ( بطريق الوضع ) لا التضمن ، واكتفيا [ ص: 494 ] بالموافقة المعنوية وبه قالت الأئمة الثلاثة ( ولو شهد أحدهما بالنكاح والآخر بالتزويج قبلت ) لاتحاد معناهما ( كذا الهبة والعطية ونحوهما ، ولو شهد أحدهما بألف والآخر بألفين أو مائة ومائتين أو طلقة وطلقتين أو ثلاث ردت ) لاختلاف المعنيين ( كما لو ادعى غصبا أو قتلا فشهد أحدهما به والآخر بالإقرار به ) لم تقبل ، ولو شهدا بالإقرار به قبلت .


( قوله خشية التطويل ) قدمها الشارح في كتاب الوقف .

( قوله بطريق الوضع ) أي بمعناه المطابق ، وهذا جعله الزيلعي تفسيرا للموافقة في اللفظ حيث قال : والمراد بالاتفاق في اللفظ تطابق اللفظين على إفادة المعنى بطريق الوضع لا بطريق التضمن ، حتى لو ادعى رجل مائة درهم فشهد شاهد بدرهم ، وآخر بدرهمين ، وآخر بثلاثة ، وآخر بأربعة وآخر بخمسة لم تقبل عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لعدم الموافقة لفظا ، وعندهما يقضي بأربعة ا هـ .

والذي يظهر من هذا أن الإمام اعتبر توافق اللفظين على معنى واحد بطريق الوضع وأن الإمامين اكتفيا بالموافقة المعنوية ولو بالتضمن ولم يشترطا المعنى الموضوع له كل من اللفظين ، وليس المراد أن الإمام اشترط التوافق في اللفظ والتوافق في المعنى الوضعي ، وإلا أشكل ما فرعه عليه من شهادة أحدهما بالنكاح والآخر بالتزويج ، وكذا الهبة والعطية فإن اللفظين فيهما مختلفان ولكنهما توافقا في معنى واحد ، أفاده كل منهما بطريق الوضع ، ويدل على هذا التوفيق أيضا ما نقله الزيلعي عن النهاية حيث قال : إن كانت المخالفة بينهما في اللفظ دون المعنى تقبل شهادته وذلك نحو أن يشهد أحدهما على الهبة والآخر على العطية ، وهذا لأن اللفظ ليس بمقصود في الشهادة بل المقصود ما تضمنه اللفظ وهو ما صار اللفظ علما عليه ، فإذا وجدت الموافقة في ذلك لا تضر المخالفة فيما سواها . قال : هكذا ذكره ولم يحك فيه خلافا ا هـ . وهذا بخلاف الفرع السابق الذي [ ص: 494 ] نقلناه عنه ، فإن الخمسة معناها المطابق لا يدل على الأربعة بل تتضمنها ولذا لم يقبلها الإمام وقبلها صاحباه لاكتفائهما بالتضمن .

والحاصل أنه لا يشترط عند الإمام الاتفاق على لفظ بعينه بل إما بعينه أو بمرادفه ، وقول صاحب النهاية لأن اللفظ ليس بمقصود مراده به أن التوافق على لفظ بعينه ليس بمقصود لا مطلقا كما ظن فافهم .

( قوله بالموافقة المعنوية ) فإن قيل : يشكل على قول الكل ما لو شهد أحدهما أنه قال لها أنت خلية والآخر أنت برية لا يقضي ببينونة أصلا مع إفادتهما معناها ، أجيب بمنع الترادف بل هما متباينان لمعنيين يلزمهما لازم واحد وهو وقوع البينونة ، وتمامه في الفتح .

( قوله لاتحاد معناهما ) أي مطابقة فصار كأن اللفظ متحد أيضا فافهم .

( قوله ولو شهدا بالإقرار ) مقتضاه أنه لا يضر الاختلاف بين الدعوى والشهادة في قول مع فعل ، بخلاف اختلاف الشاهدين في ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية