صفحة جزء
[ ص: 88 ] مسائل شتى

( أحرق حصائد ) أي بقايا أصول قصب محصود ( في أرض مستأجرة أو مستعارة ) ومثله أرض بيت المال المعدة لحط القوافل والأحمال ومرعى الدواب وطرح الحصائد قلت : وحاصله أنه إن لم يكن له حق الانتفاع في الأرض يضمن ما أحرقته في مكانه بنفس الوضع لا ما نقلته الريح على ما عليه الفتوى قاله شيخنا ( فاحترق شيء من أرض غيره لم يضمن ) ; لأنه تسبب لا مباشرة ( إن لم تضطرب الرياح ) فلو كانت مضطربة ضمن ; لأنه يعلم أنها لا تستقر في أرضه فيكون مباشرا


[ ص: 88 ] مسائل شتى .

( قوله أي بقايا إلخ ) تفسير مراد : قال في المنح : حصائد جمع حصيد وحصيدة ، وهما الزرع المحصود ، والمراد بها ههنا ما يبقى من أصول القصب المحصود في الأرض ا هـ أي لجريان العادة بإحراقه . ( قوله مستأجرة أو مستعارة ) قال منلا مسكين في شرحه : وإنما وضع المسألة فيهما دون أرض ملكه لما لم يضمن هنا فعدم الضمان بالإحراق في أرضه بالأولى ا هـ . ومقتضى هذه العبارة مع عبارة المتن أنه لو كانت في أرض الغير بلا إذنه أنه يضمن ما أحرقته في مكان تعدت إليه ، وهو خلاف ما في جامع الفصولين وكثير من الكتب ، فقد قال في جامع الفصولين : أوقد نارا في أرض بلا إذن المالك ضمن ما أحرقته في مكان أوقدت فيه لا ما أحرقته في مكان آخر تعدت إليه ، وفرق بين الماء والنار ، فإنه لو أسال الماء إلى ملكه فسال إلى أرض غيره وأتلف شيئا ثمة ضمن ، بخلاف النار إذ طبع النار الخمود ، والتعدي يكون بفعل الريح ونحوه فلم يضف إلى فعل الموقد فلم يضمن ومن طبع الماء السيلان فالإتلاف يضاف إلى فعله ا هـ فتدبر رملي .

أقول : لكن هذا حيث زالت عن ذلك الموضع بمزيل ، فلو زالت لا بمزيل يضمن كما حققه في الخانية وسيذكره الشارح قريبا . ( قوله ومثله إلخ ) قاله شيخه الرملي أيضا . ( قوله وحاصله ) ليس حاصلا لما نحن فيه فكان عليه تأخيره سائحاني ( قوله بنفس ) متعلق بأحرقته . ( قوله لا ما نقلته الريح ) أي التي هبت بعد وضعه كما يعلم مما سيأتي ح ( قوله على ما عليه الفتوى ) أي من التفصيل المذكور ، فقد قال في الخانية : إنه أظهر ، وعليه الفتوى ومقابله ما قاله الحلواني إذا وضع جمرة في الطريق أو مر بنار في ملكه أنه لا يضمن وأطلق الجواب فيه ( قوله ; لأنه تسبب ) وشرط الضمان فيه التعدي ولم يوجد ، فصار كمن حفر بئرا في ملك نفسه فتلف به إنسان ، بخلاف ما إذا رمى سهما في ملكه فأصاب إنسانا حيث يضمن ; لأنه مباشر فلا يشترط فيه التعدي زيلعي ( قوله إن لم تضطرب الرياح ) أي بأن كانت ساكنة وقت الوضع ح ، وقيده في جامع الفصولين عن الذخيرة بما لو أوقد نارا يوقد مثلها ونقل عن غيرها لا يضمن مطلقا .

ثم نقل عن فتاوى أبي الليث : أحرق شوكا أو تبنا في أرضه فذهبت الريح بشرارات إلى أرض جاره وأحرقت زرعه ، إن كان ببعد من أرض الجار على وجه لا يصل إليه الشرر عادة لم يضمن ; لأنه حصل بفعل النار وإنه هدر ، ولو بقرب من أرضه على وجه يصل إليه الشرر غالبا ضمن إذ له الإيقاد في ملك نفسه بشرط السلامة ا هـ ومثله في غاية البيان قال : هذا كما إذا سقى أرض نفسه فتعدى إلى أرض جاره . ( قوله ضمن ) أي استحسانا طوري عن الخانية . ( قوله ; لأنه يعلم إلخ ) يظهر منه أنه لو كانت الريح تتحرك خفيفا بحيث لا يتعدى الضرر ثم [ ص: 89 ] زادت لم يضمن فليحرر

التالي السابق


الخدمات العلمية