صفحة جزء
( كاتب قنه ولو ) القن ( صغيرا يعقل بمال حال ) أي نقد كله ( أو مؤجل ) كله ( أو منجم ) أي مقسط على أشهر معلومة أو قال جعلت عليك ألفا تؤديه نجوما أولها كذا وآخرها كذا ، فإن أديته فأنت حر ، وإن عجزت فقن وقبل العبد ذلك صح وصار مكاتبا لإطلاق قوله تعالى - { فكاتبوهم } - والأمر للندب على الصحيح ، والمراد بالخيرية أن لا يضر بالمسلمين بعد العتق ، فلو يضر فالأفضل تركه ، ولو فعل صح .

ولو كاتب نصف عبده جاز ونصفه الآخر مأذون له في التجارة ، ولو أراد منعه ليس له ذلك كي لا يبطل على العبد حق العتق ، وتمامه في التتارخانية : وإذا صحت الكتابة خرج من يده دون ملكه حتى يؤدي كل البدل لحديث أبي داود { المكاتب عبد ما بقي عليه درهم } .


( قوله يعقل ) أي يعقل البيع والشراء لأن الكتابة إذن له بالتجارة وهو صحيح عندنا ، فلو كان لا يعقل أو مجنونا فأدى عنه رجل فقبل المولى لا يعتق واسترد ما أدى ، ولو قبل عنه رجل الكتابة ورضي به المولى لم يجز أيضا وهل تتوقف على إجازة العبد بعد البلوغ ؟ الصحيح لا تتوقف إذ لا مجيز له وقت التصرف والصغير ليس من أهل الإجازة ، بخلاف الكبير الغائب لو قبل عنه فضولي توقف على إجازة العبد ، فلو أدى القابل عن الصغير إلى المولى عتق استحسانا ، وكذا إذا كان كبيرا غائبا ولا يسترد المؤدى ، فإن أدى البعض استرده إلا إذا بلغ العبد فأجاز قبل أن يسترد ، فليس للقابل الاسترداد وإن عجز العبد عن أداء الباقي ; لأن المكاتبة لا تنفسخ بالرد إلى الرق بل تنتهي فكان العقد قائما فيما أدى . بدائع ملخصا ( قوله بمال ) ليس قيدا احترازيا عن الخدمة لما سيأتي شرنبلالية ( قوله حال ) كقوله على ألف درهم فإنه يمكنه أن يحصل بالاستقراض أو الاستيهاب عقب العقد إتقاني . قال في الهداية : وفي الحال كما امتنع من الأداء يرد في الرق . قال الأتقاني : ولكن لا يرد إلا بالتراضي أو بقضاء القاضي ، وإن قال أخرني وله مال حاضر أو غائب يرجى قدومه أخر يومين أو ثلاثة ( قوله أو مؤجل ) هو أفضل كما في السراج شرنبلالية ( قوله فإن أديته فأنت حر ) لا بد منه لأن ما قبله يحتمل الكتابة والعتق على مال ، ولا تتعين جهة الكتابة إلا بهذا القيد .

وأما قوله : وإن عجزت لا حاجة إليه ، وإنما ذكره حثا للعبد على الأداء عند النجوم كذا في النهاية والكفاية والتبيين ، وما زعمه الواني وغيره من لزوم الثاني أيضا رده في العزمية بحصول المراد بالأول ، وما قدمناه عن الزيلعي من أنه يعتق وإن لم يقل إذا أديته فأنت حر فذاك في الكتابة الصريحة كما نبه عليه الأتقاني ( قوله لإطلاق قوله تعالى { فكاتبوهم } ) فإنه يتناول جميع ما ذكر الحال والمؤجل والصغير والكبير . وقال الشافعي رحمه الله : لا تجوز كتابة الصغير ولا الحالة . زيلعي ( قوله والأمر للندب ) أي للوجوب بإجماع الفقهاء هداية ، وخص الفقهاء لأنه عند الظاهرية للوجوب إذا طلبها العبد وعلم المولى فيه خيرا . كفاية ( قوله على الصحيح ) احتراز عن قول بعض مشايخنا إنه للإباحة كقوله تعالى { فاصطادوا } وهو ضعيف لأن فيه إلغاء الشرط وهو الخيرية لأن الإباحة ثابتة بدونه ، وفي الندب إعمال له ( قوله والمراد بالخيرية إلخ ) وقيل الوفاء وأداء الأمانة والصلاح ، وقيل المال زيلعي ( قوله جاز ) فإن أدى الكتابة عتق نصفه [ ص: 100 ] وسعى في بقية قيمته كما سيذكره آخر الباب الآتي

التالي السابق


الخدمات العلمية