صفحة جزء
باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله وما لا يجوز

( للمكاتب البيع والشراء ولو بمحاباة ) [ ص: 103 ] يسيرة ( والسفر وإن شرط ) المولى ( عدمه وتزويج أمته وكتابة عبده والولاء له إن أدى ) الثاني ( بعد عتقه وإلا ) بأن أداه قبله أو أديا معا ( فلسيده لا التزوج بغير إذن مولاه و ) لا ( الهبة ولو بعوض ، و ) لا ( التصدق إلا بيسير منهما و ) لا ( التكفل مطلقا ) ولو بإذن بنفس لأنه تبرع ( و ) لا ( الإقراض وإعتاق عبده ولو بمال ، وبيع نفسه منه [ ص: 104 ] وتزويج عبده ) لنقصه بالمهر والنفقة ( وأب ووصي وقاض وأمينه في رقيق صغير ) تحت حجرهم ( كمكاتب ) فيما ذكر ( بخلاف مضارب ومأذون وشريك ) ولو مفاوضة على الأشبه لاختصاص تصرفهم بالتجارة .


باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله

( قوله للمكاتب البيع والشراء ) كذا الإجارة والإعارة والإبداع والإقرار بالدين واستيفائه وقبول الحوالة بدين عليه ، لا إن لم يكن عليه ، وأن يشارك عنانا لا مفاوضة لاستلزامها الكفالة ، وله الشفعة فيما اشتراه المولى ، وللمولى الشفعة فيما اشتراه المكاتب ، وأن يتوكل بالشراء وإن أوجب عليه ضمان الثمن للبائع ، وأن يأذن لعبده ، وأن يحط شيئا بعد البيع بعيب ادعى عليه أو يزيد في الثمن ، وأن يرد بالعيب ولو اشترى من مولاه إلا أنه لا يجوز [ ص: 103 ] له أن يرابح فيما اشتراه من مولاه إلا أن يبين ، وكذلك المولى فيما اشتراه منه ، ولا أن يبيع من مولاه درهما بدرهمين لأنه صار أحق بمكاسبه فصار كالأجنبي في المعاوضة المطلقة كذا في البدائع ملخصا .

ولا يرد ما مر أن له أن يكاتبه عن نفسه وماله الذي في يده ولو أكثر من البدل لورود العقد ثمة وهو قن ، وإن أوصى بوصية ومات قبل الأداء لا تجوز وإن ترك وفاء ، وإن مات بعد الأداء ، فإن قال إذا عتقت فثلث مالي وصية صحت إجماعا ، وإن أوصى بعين من ماله لا تجوز إجماعا لأنه ما أضافها إلى حالة الحرية فتعلقت بملكه في وقت لا يملك التبرع إلا إذا أجازها بعد العتق ، وإن أوصى بثلث ماله فعنده لا تجوز إلا أن يجيزها بعد العتق . وعندهما تجوز بدائع ملخصا ( قوله يسيرة ) تقييد لإطلاق المتن تبعا للشرنبلالية عن الخانية مع أنه هو قول الإمام .

قال في البدائع : وله أن يبيع بقليل الثمن وكثيره وبأي جنس كان ، وبالنقد والنسيئة في قول أبي حنيفة . وعندهما لا يملك البيع إلا بما يتغابن الناس في مثله ، وبالدراهم والدنانير ، وبالنقد لا بالنسيئة كالوكيل بالبيع المطلق ا هـ ( قوله وإن شرط المولى عدمه ) أي عدم السفر لأن البيع والشراء ربما لا يتفق في الحضر ولا يبطل العقد لأن الشرط ليس في صلبه : أي لم يدخل في أحد البدلين كما مر ( قوله وتزويج أمته ) وكذا مكاتبته لأنه من باب الاكتساب ، بخلاف عبده بدائع ، ولا يزوجها من عبده . وعن أبي يوسف أنه يجوز قهستاني ( قوله وكتابة عبده ) إلا ولده ووالديه لأنهم يعتقون بعتقه فلا يجوز أن يسبق عتقهم عتقه ولأنهم دخلوا في كتابته فلا يكاتبون ثانيا بدائع ( قوله بعد عتقه ) أي عتق الأول لأنه صار أهلا للولاء ( قوله فلسيده ) ولا يرجع الولاء إلى الأول بعد عتقه لأنه متى ثبت لا يحتمل الانتقال بحال بدائع ( قوله لا التزوج ) فإن عتق قبل إجازته نفذ على المكاتب كما مر في النكاح ، قيل وكذا التسري وسيجيء در منتقى ( قوله ولا الهبة إلخ ) قال في البدائع : وإذا وهب هبة أو تصدق ثم عتق ردت حيث كانت لأنه عقد لا مجيز له حال وقوعه فلا يتوقف ، وظاهره المنع منهما ولو بإذن المولى . قال أبو السعود : وهو مصرح به ، ووجهه أن المولى لا ملك له في كسبه ( قوله إلا بيسير منهما ) قيد في الشرنبلالية التصدق باليسير من المأكول مستندا للبدائع .

أقول : ونصها ولا يملك التصدق إلا بشيء يسير حتى لا يجوز له أن يعطي فقيرا درهما ولا أن يكسيه ثوبا ، وكذا لا يجوز أن يهدي إلا شيئا قليلا من المأكول ، وله أن يدعو إلى الطعام ا هـ . وفي القهستاني عن الكرماني : اليسير هو ما دون الدرهم لأنه يتوسع فيه الناس ا هـ فتأمل ( قوله ولا التكفل ) أي عن غير سيده فيجوز عنه ، لأن بدل الكتابة واجب عليه فلم يكن متبرعا والأداء إليه وإلى غيره سواء بدائع ( قوله ولو بإذن بنفس ) تفسير للإطلاق : أي سواء كانت بإذن المولى أو المكفول أو لا بنفس أو مال ، فقوله بنفس داخل تحت المبالغة أي ولو بنفس . وفي البدائع : فإن أدى فعتق لزمته الكفالة لوقوعها صحيحة في حقه لأنه أهل بخلاف الصبي ( قوله لأنه تبرع ) فإنها التزام تسليم النفس أو المال بغير عوض والمولى لا يملك كسبه فلا يصح إذنه بالتبرع ( قوله ولا الإقراض ) لأنه تبرع بابتدائه بدائع ، وينبغي جوازه باليسير كالهبة قهستاني بل هو أولى برجندي ( قوله ولو بمال ) كأنت حر على ألف فإذا قبل عتق ، وكذا تعليقه بأدائه كإن أديت إلي ألفا فأنت حر ، وكذا قوله وبيع نفسه [ ص: 104 ] أي نفس العبد منه لأن فيها إسقاط الملك وإثبات الدين على المفلس ( قوله وتزويج عبده ) ولو من أمته كما مر ( قوله في رقيق صغير ) تركيب إضافي لا توصيفي ( قوله فيما ذكر ) من التصرفات ثبوتا ونفيا ، فيملكان كتابة قنه وإنكاح أمته لا إعتاق عبده ولو بمال إلخ .

وإذا أقر بقبض بدل الكتابة ، فإن كانت ظاهرة بمحضر من الشهود صدقا وعتق وإن لم تكن معروفة لم يجز الإقرار بالعتق لأنه في الأول إقرار باستيفاء الدين فيصح ، وفي الثاني بالعتق فلا يصح بدائع ( قوله ولو مفاوضة ) كذا في الكافي حيث جعله كالمأذون ، وجعله في النهاية كالمكاتب ( قوله على الأشبه ) قال الزيلعي : وجعله كالمأذون أشبه بالفقه ( قوله لاختصاص تصرفهم بالتجارة ) فإن الأصل أن من كان تصرفه عاما في التجارة وغيرها يملك تزويج الأمة والكتابة كالأب ونحوه ، ومن كان تصرفه خاصا بالتجارة لا يملكه

التالي السابق


الخدمات العلمية