صفحة جزء
( ويملك بالأخذ بالتراضي أو بقضاء القاضي ) عطف على الأخذ لثبوت ملك الشفيع بمجرد الحكم قبل الأخذ كما حرره منلا خسرو ( بقدر رءوس الشفعاء لا الملك ) خلافا للشافعي ( للخليط ) متعلق بتجب ( في نفس المبيع . ثم ) إن لم يكن أو سلم [ ص: 220 ] ( له في حق المبيع ) وهو الذي قاسم وبقيت له شركة في حق العقار ( كالشرب والطريق خاصين ) ثم فسر ذلك بقوله ( كشرب نهر ) صغير ( لا تجري فيه السفن وطريق لا ينفذ ) فلو عامين لا شفعة بهما . بيانه شرب نهر مشترك بين قوم تسقى أراضيهم منه بيعت أرض منها فلكل أهل الشرب الشفعة ، فلو النهر [ ص: 221 ] عاما والمسألة بحالها فالشفعة للجار الملاصق فقط ( ثم لجار ملاصق ) ولو ذميا أو مأذونا أو مكاتبا ( بابه في سكة أخرى ) وظهر داره لظهرها ، فلو بابه في تلك السكة فهو خليط كما مر ( وواضع جذع على حائط وشريك في خشبة عليه جار ) ولو في نفس الجدار فشريك ملتقى . قلت : لكن قال المصنف : ولو كان بعض الجيران شريكا في الجدار لا يتقدم على غيره من الجيران لأن الشركة في البناء لمجرد دون الأرض لا يستحق بها الشفعة . وفي شرح المجمع : وكذا للجار المقابل في السكة الغير النافذة الشفعة بخلاف النافذة .


( قوله ويملك ) بالياء المثناة التحتية . قال في الدرر : أي العقار وما في حكمه ا هـ ونحوه في المنح : والذي رأيناه في النسخ تملك بالتاء الفوقية ، وعليه فالضمير يعود على البقعة المذكورة أولا ( قوله بالأخذ إلخ ) لأن ملك المشتري تم فلا ينتقل عنه إلا بأحدهما كالرجوع في الهبة ، فلو مات أو باع المستحق بها أو بيعت دار بجنبها قبل الأخذ أو الحكم بطلت ، ولو أكل المشتري ثمرا حدث بعد قبضه لم يضمنه ، وتمامه في الجوهرة ( قوله عطف على الأخذ ) فلو قدمه عليه كما في الغرر لسلم من الإيهام ط ( قوله كما حرره منلا خسرو ) أي تبعا لغيره من الشراح ( قوله بقدر رءوس الشفعاء ) لاستوائهم في استحقاق الكل لوجود علته فيجب الاستواء في الحكم ، وشمل ما لو كان المشتري أحدهم وطلب معهم فيحسب واحدا منهم ويقسم المبيع بينهم كما في الوهبانية وشروحها ، وسيأتي في الباب الثاني ( قوله إن لم يكن ) أي لم يوجد خليط في نفس المبيع مستحق ، [ ص: 220 ] بأن لم يوجد أصلا ، أو كان غائبا ، أو كان حاضرا وسقطت شفعته بمسقط غير التسليم ( قوله له ) متعلق بتجب ولم يعده الشارح لظهوره بعدما نبه عليه فيما قبله ، وقوله في حق المبيع متعلق بالضمير المجرور لعوده على الخليط وهو جائز عند بعضهم كقول الشاعر :

وما هو عنها بالحديث المترجم

أي وما الحديث عنها ، والأولى إظهاره وإضمار ما بعده بأن يقول ثم للخليط في حقه ، ولذا قال ابن الكمال : من قال ثم له في حق المبيع أضمر فيما حقه الإظهار وأظهر فيما يكفي فيه الإضمار

( قوله وهو الذي قاسم إلخ ) كذا في العيني : قال المرحوم الشيخ شاهين : فيه نظر لأن الخليط في حق المبيع أعم ممن قاسم أولا بأن كان خليطا في حق المبيع من غير قسمة ويمكن أن يجاب بأنه غير احترازي ، فالمتن على إطلاقه ا هـ . وأقول : بل هو احترازي لأنه قبل القسمة يستحقها من حيث كونه شريكا في نفس المبيع لا في حقه ، إذ الشريك في المبيع مقدم على الخليط في حقه أبو السعود ( قوله كالشرب والطريق إلخ ) الشرب بكسر الشين : النصيب من الماء ، وعطف القهستاني الطريق بثم وقال : فلو بيع عقار بلا شرب وطريق وقت البيع ، فلا شفعة فيه من جهة حقوقه ولو شاركه أحد في الشرب وآخر في الطريق فصاحب الشرب أولى . قال في الدر المنتقى : ونقل البرجندي أن الطريق أقوى من المسيل فراجعه ا هـ ( قوله لا تجري فيه السفن ) قيل أراد به أصغر السفن ، وعامة المشايخ على أن الشركاء على النهر إن كانوا يحصون فصغير وإلا فكبير . ثم اختلفوا ، فقيل ما لا يحصى خمسمائة ، وقيل أربعون ، وقيل الأصح تفويضه إلى رأي كل مجتهد في زمانه ا هـ كفاية ملخصا . قال العيني : وهو الأشبه . وفي الدر المنتقى عن المحيط : وهو الأصح . وفيه عن النتف : فلو باع حصته بشربها فالشفعة للخليط ثم لأهل الجدول ثم لأهل الساقية ثم لأهل النهر العظيم ا هـ .

أقول : أصل مياه دمشق من بردى ، ويتشعب منه أنهار كقنوات بانياس وتورا ، ويتشعب منها لشرب البيوت طوالع ، وكل طالع قد يتشعب منه طوالع وهكذا ، ومقتضى ما في النتف أن يعتبر أخص طالع ثم ما فوقه وهكذا إلى أن ينتهي إلى النهر العظيم وهو بردى الذي يسقي دمشق وقراها ، ومسافة ذلك أكثر من ثمان ساعات فلكية وعليه فلو بيعت أرض شربها من أصل بردى ولا شركة فيها نفسها فلجميع أهل تلك المسافة حق أخذها بالشفعة وفيه توسيع للدائرة جدا ، فلا جرم كان الأصح الأشبه تفويضه لرأي المجتهد في كل زمان . والظاهر أن المراد بالمجتهد الحاكم ذو الرأي المصيب للعلم بانقطاع المجتهد المصطلح عليه ، نعم على ما نذكره قريبا عن الهداية لا يلزم المحذور ، والله تعالى أعلم ( قوله وطريق لا ينفذ ) فكل أهلها شفعاء ولو مقابلا ، والمراد بعدم النفاذ أن يكون بحيث يمنع أهله من أن يستطرقه غيرهم كما في الدر المنتقى ، فلو فيه مسجد فنافذ حكما إذا كان مسجد خطة لا محدثا وتمامه في البزازية ، فإن كانت سكة غير نافذة يتشعب منها أخرى غير نافذة مستطيلة لا شفعة لأهل الأولى في دار من هذه بخلاف عكسه ، ولو كان نهر صغير يأخذ منه نهر أصغر منه فهو على قياس الطريق فلا شفعة لأهل النهر الصغير في أرض متصلة بالأصغر كما في الهداية وشروحها ، وخرج بالمستطيلة المستديرة ومر بيان ذلك وتوجيهه في متفرقات القضاء ( قوله شرب نهر ) أي صغير ( قوله فلكل أهل الشرب ) أي من ذلك النهر الخاص ومثله [ ص: 221 ] الطريق الخاص ، فكل أهله شفعاء ولو مقابلا كما قدمناه ، فالذي في أوله كالذي في آخره أتقاني

( قوله ثم لجار ملاصق ) ولو متعددا ، والملاصق من جانب واحد ولو بشبر كالملاصق من ثلاثة جوانب فهما سواء أتقاني . وفي القهستاني : الملاصق المتصل بالبيع ولو حكما كما إذا بيع بيت من دار فإن الملاصق له ولأقصى الدار في الشفعة سواء ا هـ ( قوله بابه في سكة أخرى ) نافذة أو لا در منتقى ( قوله وظهر داره لظهرها ) أي لظهر الدار المشفوعة وعبارة الهداية وغيرها على ظهرها ، وهذا القيد غير لازم ، وما ذكره الأتقاني وغيره أنه للاحتراز عن المحاذي معناه ولو بينهما طريق نافذ ، لما في الجوهرة : ثم الجار هو الملاصق الذي إلى ظهر المشفوعة وبابه من سكة أخرى دون المحاذي وبينهما طريق نافذ فلا شفعة له وإن قربت الأبواب ، لأن الطريق الفارقة تزيل الضرر ا هـ أبو السعود ملخصا أقول : إذ لو كان محاذيا والطريق غير نافذ فهو خليط لا جار كما مر ويأتي ( قوله فلو بابه في تلك السكة ) أي وهي غير نافذة كما سبق ط ( قوله كما مر ) من قوله وطريق لا ينفذ .

[ تنبيه ] بينهما منزل في دار لقوم باع أحدهما نصيبه منه فشريكه فيه أحق ، ثم الشركاء في الدار لأنهم أقرب ثم في السكة ثم للجار الملاصق نهاية وغيرها . قالأبو السعود : لأنها لدفع الضرر الدائم ، فكلما كان أخص اتصالا كان أخص الضرر فكان أحق بها إلا إذا سلم ا هـ . واعلم أن كل موضع سلم الشريك الشفعة فإنما تثبت للجار إن طلبها حين سمع البيع وإن لم يكن له حق الأخذ في الحال . أما إذا لم يطلب حتى سلم الشريك فلا شفعة له شرح المجمع ، ومثله في النهاية وغيرها ( قوله وواضع جذع على حائط ) أي حائط لا ملك له فيه وإلا فهو المسألة الآتية ( قوله ولو في نفس الجدار فشريك ) أي ولو كان شريكا في نفس الجدار فهو شريك في المبيع : أي في بعضه ( قوله قلت لكن إلخ ) وفق الشارح في الدر المنتقى بحمل ما في الملتقى على ما إذا كان البناء والمكان الذي عليه البناء مشتركا ا هـ ح . أقول : وهو المصرح به في الكفاية عن المغني حيث قال : الجار المؤجر عن الشريك في الطريق أن لا يكون شريكا في أرض الحائط المشترك ، أما إذا كان شريكا فيقدم إلخ ( قوله لا يستحق بها الشفعة ) أي شفعة الشريك لا مطلقا لأنه جار ملاصق ، أو المعنى لا يستحق الشفعة وحده دون بقية الجيران تأمل ( قوله وكذا للجار المقابل إلخ ) دفع به ما يتوهم من قوله وظهر داره لظهرها أنه قيد ط . وفيه أنه لا ملاصقة هنا .

وأيضا فإن ما مر فيما إذا كان بابه في سكة أخرى وفيما نحن فيه السكة واحدة فيما يظهر ، ولذا وجهه أبو السعود بأن استحقاقها فيه للشركة في حق المبيع فلا تعتبر الملاصقة فالظاهر أنه تعميم لقوله وطريق لا ينفذ أفاد به أنه يشمل المقابل وبهذه الإفادة لا يقال إنه مكرر فافهم ، نعم كان ينبغي ذكره هناك ( قوله بخلاف النافذة ) قدمنا وجهه عن الجوهرة

التالي السابق


الخدمات العلمية