صفحة جزء
كتاب الفرائض هي علم بأصول من فقه وحساب تعرف حق كل من التركة والحقوق هاهنا خمسة بالاستقراء لأن الحق إما للميت أو عليه أو لا ولا : الأول التجهيز والثاني إما أن يتعلق بالذمة وهو الدين المطلق أو لا وهو المتعلق بالعين [ ص: 758 ] والثالث إما اختياري وهو الوصية أو اضطراري وهو الميراث وسمي فرائض لأن الله تعالى قسمه بنفسه وأوضحه وضوح النهار بشمسه ولذا سماه صلى الله عليه وسلم نصف العلم لثبوته بالنص لا غير . وأما غيره فبالنص تارة وبالقياس أخرى وقيل لتعلقه بالموت وغيره بالحياة أو بالضروري وغيره بالاختياري


كتاب الفرائض

مناسبته للوصية أنها أخت الميراث ، ولوقوعها في مرض الموت ، وقسمة الميراث بعده ولذا أخر عنها ، ثم الفرائض جمع فريضة : وهي ما يفترض على المكلف وفرائض الإبل ما يفرض كبنت مخاض في خمسة وعشرين ، وقد سمي بها كل مقدر فقيل لأنصباء المواريث فرائض ، لأنها مقدرة لأصحابها ثم قيل للعلم بمسائل الميراث علم الفرائض وللعالم به فرضي وفارض وفراض معرب ( قوله هي علم بأصول إلخ ) أي قواعد وضوابط تعرف أي تلك الأصول حق كل أي كل واحد من الورثة : أي قدر ما يستحقه من التركة ، ولا يخفى أن من تلك الأصول الموصوفة بما ذكر الأصول المتعلقة بالمنع من الميراث والحجب ، بل هي العمدة في ذلك إذ بدونها لا تعرف الحقوق ، ولذا قالوا من لا مهارة له بها لا يحل له أن يقسم فريضة ، ودخل فيها معرفة كون الوارث ذا فرض أو عصبة أو ذا رحم ، ومعرفة أسباب الميراث والضرب والتصحيح والعول والرد وغير ذلك فافهم [ ص: 758 ] والمراد بالفرائض السهام المقدرة كما مر فيدخل فيه العصبات ، وذو الرحم لأن سهامهم مقدرة وإن كانت بتقدير غير صريح .

، وموضوعه : التركات ، وغايته : إيصال الحقوق لأربابها ، وأركانه : ثلاثة وارث ومورث وموروث . وشروطه : ثلاثة : موت مورث حقيقة ، أو حكما كمفقود ، أو تقديرا كجنين فيه غرة ووجود وارثه عند موته حيا حقيقة أو تقديرا كالحمل والعلم بجهة إرثه ، وأسبابه وموانعه سيأتي وأصوله : ثلاثة الكتاب والسنة في إرث أم الأم بشهادة المغيرة وابن سلمة ، وإجماع الأمة في إرث أم الأب باجتهاد عمر رضي الله عنه الداخل في عموم الإجماع وعليه الإجماع ، ولا مدخل للقياس هنا خلافا لمن زعمه في أم الأب وقد علمت جوابه واستمداده من هذه الأصول أفاده في الدر المنتقى ( قوله لأن الله تعالى قسمه ) الأولى قدره كما قال الزيلعي لأنه معنى الفرض تأمل ( قوله بنفسه ) أي ولم يفوض تقديره إلى ملك مقرب ، ولا نبي مرسل بخلاف سائر الأحكام كالصلاة والزكاة والحج وغيرها ، فإن النصوص فيها مجملة كقوله تعالى - { أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } { ولله على الناس حج البيت } - وإنما السنة بينتها زيلعي .

( قوله لثبوته بالنص لا غير ) أراد بالنص ما يشمل الإجماع ، واحترز به عن القياس فإنه لا يجري في المواريث لأنه لا مجال له في المقدرات لخفاء وجه الحكمة في التخصيص بمقدار دون آخر ثم إن هذا علة للعلة ، والأولى أن يقول : أو لثبوته فيكون علة ثانية لتسميته نصف العلم وقيل في وجه التسمية غير ما ذكره ، وقيل أنه مما لا يدرك معناه فتصدق بأنه نصف العلم ، ولا نبحث عن وجهه .

ثم اعلم أن ما ذكره من الأوجه مبني على أن النصف يراد به أحد قسمي الشيء ، فإن كل شيء تحته نوعان أحدهما نصف له وإن لم يتحد عددهما ، ومنه حديث أحمد { الطهور نصف الإيمان } ، وقول العرب : نصف السنة حضر ونصفها سفر أي تنقسم زمانين وإن تفاوتت عدتهما ، وقول شريح وقد قيل له كيف أصبحت فقال : أصبحت ونصف الناس علي غضبان يريد أنهم بين محكوم له راض ومحكوم عليه غضبان وقول الشاعر :

إذا مت كان الناس نصفان شامت وآخر راض بالذي كنت أصنع

وقول مجاهد : المضمضة والاستنشاق نصف الوضوء : أي أنه نوعان مطهر لبعض الباطن ، ومطهر لبعض الظاهر ، أفاده ابن حجر في شرح الأربعين ( قوله بالنص ) أراد به ما يعم الإجماع ( قوله أو بالضروري ) أي الإرث والاختياري كالبيع والشراء وقبول الهبة والوصية

التالي السابق


الخدمات العلمية